عندما يتم الحديث عن الحوادث البحرية المتعلقة بغرق السفن ومن عليها من الركاب، فإن واقعة غرق سفينة “تيتانيك” الانجليزية تبقى هي أبرز واقعة تُناقش باعتبارها إحدى أكبر “الكوارث البحرية” التي راح ضحيتها أزيد من 1500 إنسان دفعة واحدة.
وحادثة غرق “تيتانيك” في 14 أبريل من سنة 1912م، غطت على الكثير من الحوادث الأخرى التي كانت قد سبقتها في الزمن، وذلك لعدة أسباب، أهمها حجم الخسارة البشرية غير المسبوق، ومن جهة أخرى للضجة الكبيرة التي سبقت إبحار السفينة من ميناء ليفربول نحو نيويورك، وهي الضجة التي كانت تدور حول متانة السفينة وفخامتها وكونها “سفينة لا تغرق”.
من بين الحوادث البحرية المآسوية التي غطت عليها “تيتانيك” هي حادثة غرق السفينة الاسبانية “ريينا ريخينتي” التي غرقت في سنة 1895، أي قبل 17 سنة من غرق “تيتانيك”، وكان غرقها قد حدث بساحل طنجة قبالة رأس سبارطيل، وغرق معها جميع طاقمها وهم أزيد من 400 شخص كلهم رجال.
وحسب المصادر التاريخية المؤرخة لغرق هذه السفينة الاسبانية، التي كانت تعتبر في ذلك الوقت أحد أكبر وأفضل السفن الاسبانية الحديثة، فإن غرقها حدث بالضبط منتصف النهار في 10 مارس سنة 1895م بعدما انطلقت مبحرة من ميناء طنجة متوجهة إلى ميناء قادس الاسباني.
وكانت “ريينا ريخينتي” يوما قبل غرقها، قد أبحرت من قادس نحو طنجة حاملة على متنها السفير المغربي الذي أرسله سلطان المغرب نحو اسبانيا لمناقشة معاهدة تجمع بين البلدين، وكان ابحارها من قادس على الساعة الحادية عشرة 9 مارس 1895، وبعد ساعات وصلت بسلام إلى ميناء طنجة.
في يوم الغد، الأحد 10 مارس 1895 على الساعة العاشرة، انطلقت السفينة من ميناء طنجة عائدة إلى قادس، لكن بعد إبحارها لثلاثة أميال من ميناء طنجة اعترضنها عاصفة قوية بشكل مفاجئ، وأدت إلى غرق السفينة واختفائها بشكل تام، وغرق جميع طاقهما الذين فاق عددهم 400 شخص بمن فيهم ربان السفينة الكابتان فرانسيسكو سانز دي أندينو.
وقد دام البحث عن جثث الضحايا ومخلفات السفينة أياما بمضيق جبل طارق وقبالة سواحل طنجة وجنوب اسبانيا، غير أن البحث لم يؤدي إلى شيء وكأن السفينة اختفت تماما، وظهر فقط بعض حطامها بشواطئ جنوب اسبانيا بعد أيام طويلة، في حين أن هيكل السفينة وما كان عليها لم يتم العثور عليه أبدا.
وقد شكلت حادثة غرق سفينة “ريينا ريخنتي” أنذاك صدمة كبيرة ومأساة في اسبانيا، وقد ظل الحديث عن هذه السفينة المختفية زمنا طويلا، ولا زالت تعتبر الكثير من النظريات المتعلقة بغرقها اليوم لغزا من الالغاز.