قال المفكر المغربي حسن أوريد إنكثيرٌ من المختصين يعتبرون قيام دولة إسرائيل سنة 1948 بمثابة بيغ بونغ في الشرق الأوسط، غيّرت معالم المنطقة، وأجهزت على الثقافة السياسيَّة السائدة، ذات التوجّه الليبرالي، وخلخلت البنى الاجتماعية.
وأضاف أوريد، في مقال له، بعنوان “كيف ستُغير غزة قواعد اللعبة السياسية العالمية كلها؟” أنه من نتائج بيغ بونغ هذه سلسلة من الانقلابات العسكرية، تولى الجيش إثرها مقاليدَ السلطة في سوريا، ومصر، ثم بعدها في العراق. ورافق ذلك عمليات القضاء على سياسيين رُموا بالتخاذل في الأردن ولبنان.
وتابع أوريد، في مقاله، والذي نشره موقع الجزيرة، “يمكن أن نعتبر الثورة الإيرانية بمثابة البيغ بونغ الثانية. غيّرت الثورة الإيرانية الثقافة السياسية، من خلال الدفع بالاتجاهات الإسلامية، وأثّرت على معالم المنطقة واللعبة بها”.
وزاد قائلا “من دون الثورة الإيرانية، هل كان يمكن تصوُّر غزو أفغانستان من قِبل الاتحاد السوفياتي، أو اندلاع الحرب العراقية الإيرانية؟ ألم تكن حرب أفغانستان أحد أسباب تقويض الاتحاد السوفياتي! وهل كان يمكن أن يقوم تنظيم القاعدة، من دون أفغانستان؟ مصدر كل هذه التحولات الخطيرة، الثورة الإيرانية، أو البيغ بونغ الثانية”
وأكد أوريد أن العالم على مشارف بيغ بونغ ثالثة، مع غزّة، ولسوف تغير معالم المنطقة والثقافة السياسية السارية بها. من السابق لأوانه أن نحيط بالتغيير في كلياته، ولكن يمكن أن نستشفّ معالمه الكبرى.
ومضى يقول “ومن تداعيات “طوفان الأقصى” على العالم العربي، الشرخ الذي أحدثه بين “القيادات” والشعوب، في البلدان التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل. غزة هي حقيبة “باندورا”، كُشف غطاؤها المستور. ولذلك لن يتوقف نبض الشارع في كثير من بلدان العالم العربي، حتى مع توقف العمليات العسكرية. ولسوف تمتزج لدى الجماهير، نُصرتها للقضية الفلسطينية وقضاياها الآنية”.
وسجل المفكر المغربي أنه في المغرب، رفع المتظاهرون ضد مشروع “إصلاح” التعليم لافتات المؤازرة للقضية الفلسطينية، وتحلَّق المتظاهرون قبالة مبنى وزارة التربية الوطنية بالكوفيات الفلسطينية. يمكن أن تتطور الاحتجاجات من مطالب قطاعية إلى إعادة النظر في هندسة السلطة.
وأضاف “وهو ما انتبهت إليه السلطات الحاكمة في المغرب بسحب مشروع “الإصلاح”، لإدراكها التطورات المحتملة للاحتجاج الذي لن يتوقف عند مطالب قطاعية. ويعرف الأردن حراكًا من شأنه أن يغير من الثقافة السياسية في هذا البلد. وتسعى مصر إلى أن تضبط الشارع؛ رغم ما يموج بها من حنق. وإذا كان يمكن احتواء المد الشعبي، فإنه لا يمكن إيقافه”.
أمّا على الصعيد العالمي، يقول أوريد”فقد برزت معالم توزيع جديد للأوراق. لم تعد الولايات المتحدة المستفردة بملف الشرق الأوسط، واضطرت لأن تتصل بالصين، غريمتها الإستراتيجية، كي تضغط على إيران، ليتوقف الحوثيون عن إرسال قذائفهم صوب إسرائيل، وتوقيف السفن الإسرائيلية في باب المندب. وهو تحوّل لم يكن ليحدث من دون غزة. وهو ما من شأنه أن يعزز دور الصين في المنطقة”.
وأكد أوريد أنه “من معالم التحول في أوروبا، زيارة رئيس الحكومة الإسبانية للمنطقة، في مسعى لتكون إسبانيا فاعلًا في ملف الشرق الأوسط. وهو تحوُلٌّ سيكون له ما بعده، على مستوى الاتحاد الأوروبي، الذي لم يعد يتكلم لغة واحدة في القضايا الدولية”.