تشهد المدن الإسبانية في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات الشعبية ضد ما يُعرف بـ “السياحة المفرطة”، التي تؤثر بشكل ملحوظ على حياة السكان المحليين. في مقدمة هذه الاحتجاجات، تأتي مدينة برشلونة التي شهدت مظاهرات متصاعدة ضد الأعداد الكبيرة للسياح، مما أثار استياءً واسعاً بين المقيمين.
في سان سباستيان، تحت أشعة الشمس الدافئة، يشكو السكان من تأثير الزحام السياحي الذي يرافقه ضجيج مستمر ونقص في الوحدات السكنية، حيث حولت بعض الشقق السكنية إلى غرف فندقية. هذا التحول أدى إلى ارتفاع الإيجارات وإلى ضغوط إضافية على سكان المدينة، الذين لم يترددوا في تعليق لافتات احتجاجية تطالب بإعادة السياح إلى بلدانهم.
تدور الاحتجاجات في غرناطة حول ضاحية البيازين المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث قام المواطنون بالتعبير عن رفضهم لتحويل الشقق إلى وحدات سياحية، ودعوا البرلمان إلى اتخاذ إجراءات للحد من تخصيص الوحدات السكنية للسياح.
وفي جزر البليار، التي تعاني من تدفق سياحي هائل، يصل عدد الزوار إلى نحو 18 مليونًا سنويًا، يشكو السكان من الاستفادة المحدودة من عائدات السياحة، التي تعزز فقط مستويات الرفاهية لبعض الأفراد بينما يعاني الآخرون من انخفاض الأجور، نقص السكن، والازدحام.
في استجابة لهذه الاحتجاجات، بدأت المدن الإسبانية في اتخاذ إجراءات للحد من التأثيرات السلبية للسياحة. فقد فرضت سان سباستيان حدًا أقصى لحجم الجولات السياحية، وطلبت من المشاركين استخدام سماعات أذن لتقليل الضوضاء. أما في برشلونة، فقد تبنت المدينة خطة لتقليص أعداد سفن الرحلات السياحية، وتعزيز الرقابة على نشاطها.
في طليطلة، يتم دراسة فرض ضريبة سياحية لتعويض المدينة عن العبء الذي تتحمله نتيجة السياحة المكثفة، حيث تتلقى المدينة يوميًا نحو 50 حافلة سياحية، مما يثير القلق من تأثيرات سلبية على المرافق والخدمات المحلية.
تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الإجراءات التي اتخذها المسؤولون الإسبان ستنجح في تخفيف حدة التوترات وتحقيق توازن بين السياحة وراحة السكان المحليين.