في إطار سعيها لتحديث نظام النقل وزيادة كفاءة حركة البضائع، أطلقت إسبانيا أول طريق سككي تجاري، يربط بين العاصمة مدريد ومدينة فالنسيا. يتضمن المشروع أربع رحلات أسبوعيًا، حيث سيتولى القطار نقل الشاحنات من وإلى الميناء، مما يتيح تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين النقل التجاري في البلاد.
وقد صرح وزير النقل الإسباني بأن هذا المشروع يأتي ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى اللحاق بركب الدول الأوروبية المتقدمة في مجال النقل السككي. ويعتبر هذا الإنجاز جزءًا من خطة أكبر تشمل إنشاء مزيد من الطرق السككية التي تربط بين المدن والموانئ.
تُظهر الإحصاءات الحالية أن إسبانيا لا تزال تتخلف عن العديد من دول أوروبا في استخدام السكك الحديدية لنقل البضائع، حيث تمثل حاليًا حوالي 18% فقط من إجمالي النقل. على الرغم من هذه النسبة المنخفضة، فإن المسؤولين الأوروبيين يعتبرون أن زيادة الاعتماد على السكك الحديدية يمكن أن يُحدث تحولًا إيجابيًا في مجال النقل، إذ أن القطار يُمكن أن ينقل ما يعادل 40 شاحنة على الطريق، مما يقلل من التلوث الناتج عن النقل البري.
في حديثٍ لوسائل الإعلام، أشارت سوليني غارسين-بيرسون، المديرة العامة للرابطة الفرنسية للسكك الحديدية، إلى أن فعالية نظام النقل تعتمد على الإرادة السياسية لكل دولة. وأضافت أن تحسين البنية التحتية للسكك الحديدية يعد ضرورة ملحة، وينبغي على الدول الأوروبية أن تتعاون في هذا الاتجاه.
وأوضحت غارسين-بيرسون أن نجاح نموذج إسبانيا الجديد يعتمد على ربط خطوط السكك الحديدية بأكبر عدد ممكن من الموانئ، مما يسهل حركة البضائع من وإلى الأسواق العالمية. واعتبرت أن تطوير “الهيكل العظمي” للسكك الحديدية، وهو المصطلح الذي استخدمته لوصف الشبكة الأساسية للنقل، يعد ضرورة لتحقيق أهداف البيئة والاستدامة.
في السنوات الأخيرة، تم إهمال الشبكة الأوروبية للسكك الحديدية، حيث كان التركيز في فرنسا على تطوير خدمات النقل السريع للركاب، مما أدى إلى تقليص الخدمات المخصصة لنقل البضائع. ومع ذلك، يشدد الخبراء على أهمية إعادة تأهيل هذه الخطوط ورفعها إلى الأولوية القصوى في السياسات الوطنية.
مع إطلاق هذا الطريق السككي الجديد، تسعى إسبانيا إلى تحقيق تحول جذري في نظام النقل التجاري، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة في القارة الأوروبية.