يقف سوق درب غلف، أيقونة تجارة الأجهزة الإلكترونية في قلب الدار البيضاء، على أعتاب تحول جذري يعكس طموحات المغرب في التنمية العصرية.
هذا السوق الذي اشتهر لعقود بعشوائيته وأسقفه المعدنية المتآكلة، بات اليوم محور مشروع تنموي يهدف إلى إعادته إلى الواجهة كفضاء حديث يلبي تطلعات التجار والمستهلكين على حد سواء.
يأتي هذا المشروع ضمن خطة كبرى لتأهيل البنية التحتية للمدينة، استعدادًا لاستضافة المغرب كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
ويهدف إلى خلق بيئة منظمة وحديثة داخل السوق مع الحفاظ على طابعه المميز، الذي يعكس هوية تجارية عريقة للدار البيضاء.
أكد عبد الصادق مرشد، رئيس مجلس مقاطعة المعاريف، في تصريحات سابقة أن سوق درب غلف لطالما كان رمزًا للتجارة الحيوية في الدار البيضاء، ولكنه بات بحاجة ماسة للتحديث.
وأشار إلى أن المشروع يركز على إزالة المظاهر العشوائية وإحداث نقلة نوعية من خلال إنشاء محلات تجارية حديثة بارتفاع لا يتجاوز طابقين، مع توفير مواقف سيارات تحت الأرض ومساحات خضراء.
كما يشمل المشروع إضافة مرافق جديدة، مثل مسجد ومنطقة منظمة للحرفيين الذين كانوا يمارسون أعمالهم بشكل غير منظم في محيط السوق، ما يعكس التزام الجهات المسؤولة بتحقيق توازن بين التحديث والحفاظ على الهوية.
في أروقة السوق، يتباين موقف التجار بين الحماس لمستقبل أفضل والخوف من المساس بروح المكان.
أعرب عبد المنعم مدكر، رئيس جمعية تجار درب غلف، عن تفاؤله بتوفير بنية تحتية حديثة، لكنه شدد على أهمية الحفاظ على “روح الجوطية” التي تجعل السوق مميزًا.
من جهة أخرى، أبدى بعض التجار مخاوفهم من تأثير الأشغال على نشاطهم التجاري، داعين إلى تنفيذ المشروع بشكل تدريجي لتجنب أي توقف طويل قد يكبدهم خسائر فادحة.
أحد أكثر التساؤلات التي أثيرت حول المشروع كان احتمال نقل السوق إلى موقع آخر. لكن المسؤولين حسموا الجدل مؤكدين أن السوق سيبقى في موقعه الحالي مع تحسين ظروف العمل داخله وتنظيم الأزقة لتسهيل حركة الزوار.
هذا المشروع لا يمثل فقط تحديثًا لسوق شعبي، بل يعكس طموح الدار البيضاء في تقديم صورة حديثة ومتطورة للعالم مع اقتراب كأس العالم 2030.