تواصلت في مختلف المدن المغربية احتجاجات حركة “جيل زد 212” للأسبوع الثاني على التوالي، في تعبير واضح عن تصاعد الغضب الشعبي إزاء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع فرص العمل، وغلاء المعيشة.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير فرص عمل للشباب، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا في نسب البطالة خاصة بين خريجي الجامعات، واتساعا في الفوارق الاجتماعية بين المناطق الحضرية والريفية.
وترى أوساط اجتماعية أن هذه التحركات تمثل تعبيرا عن جيل جديد يسعى إلى إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، والمطالبة بإصلاحات ملموسة تواكب طموحاته، بعيدا عن الوعود الحكومية المؤجلة.
وانطلقت هذه الحركة الشبابية بشكل منظم عبر منصة “ديسكورد”، بعد موجة غضب أعقبت وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي بأكادير منتصف سبتمبر الماضي، ما اعتبره ناشطون مؤشرا على تدهور الخدمات الصحية في البلاد.
ودعت الحكومة المغربية، على لسان وزير الشباب والتواصل محمد المهدي بنسعيد، المحتجين إلى الانخراط في حوار “شفاف ومسؤول” لبحث حلول عملية للمشاكل المطروحة.
تشير بيانات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن عدد السكان النشيطين في المغرب بلغ 12.4 مليون شخص خلال الربع الثاني من عام 2025، فيما بلغت نسبة البطالة 12.8%، أي ما يعادل نحو مليون ونصف المليون شخص. وتصل البطالة بين الشباب من 15 إلى 24 عاما إلى أكثر من 35%.
ويكشف تقرير للمركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية أن 40% من خريجي الجامعات يعملون في مجالات لا علاقة لها بتخصصاتهم، ما يعكس ضعف توافق التعليم مع احتياجات سوق الشغل، بينما يلجأ نحو ثلث اليد العاملة إلى القطاع غير المهيكل الذي يفتقر للحماية الاجتماعية.
ورغم التراجع النسبي في معدلات الفقر خلال العقد الماضي، إذ انخفضت النسبة من 11.9% عام 2014 إلى 6.8% عام 2024، فإن التفاوتات ما زالت قائمة، خصوصا بين المدن الكبرى والقرى التي تضم نحو 72% من الفقراء.
وأشارت تقارير رسمية إلى أن نصف السكان الأكثر ثراء يستحوذون على أكثر من 76% من إجمالي الإنفاق، مقابل 6.7% فقط لأفقر 20% من السكان.
ويصنف المغرب في المرتبة 120 عالميا في مؤشر التنمية البشرية لعام 2025، ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بضعف الحوكمة وبطء تنفيذ المشاريع الكبرى.

ويجمع المراقبون على أن احتجاجات “جيل زد” تمثل جرس إنذار حقيقيا للحكومة، يدعو إلى إعادة تقييم السياسات الاجتماعية والاقتصادية وتقديم حلول ملموسة تعيد الثقة للشباب، وتفتح أفقا جديدا لتنمية أكثر عدلا وتوازنا.

