تعيش مخيمات تندوف على وقع حالة من الاحتقان المتزايد، إثر حادث اختطاف شيخ صحراوي يبلغ من العمر أزيد من سبعين سنة، في ظروف غامضة تُرجّح مصادر محلية أن تكون وراءها عصابة إجرامية مرتبطة بشبكات تحظى بالحماية داخل بنية جبهة بوليساريو الانفصالية.
وتكشف هذه الحادثة، التي مرّ عليها أكثر من أربعة أشهر، مجددا هشاشة الوضع الأمني داخل هذه المخيمات، التي تتحول يوماً بعد آخر إلى منطقة خارج القانون، تسودها ثقافة الإفلات من العقاب.
اللافت في هذه القضية ليس فقط غياب أي تفاعل من طرف قيادة الجبهة، بل أيضاً صمت السلطات الجزائرية، التي تواصل الترويج لدورها “الإنساني” في استضافة لاجئين، فيما الوقائع على الأرض تُظهر تواطؤا بنيويا يسمح بتمدد الجريمة وتغلغل العصابات المسلحة وسط بيئة اجتماعية مأزومة.
وطالبت، العصابة التي اختطفت الشيخ وفق روايات متقاطعة، بفدية مالية مقابل الإفراج عنه، في مشهد يُعزّز فرضية تحوّل المخيمات إلى فضاء مفتوح أمام الابتزاز والانتهاكات.
وتُسجَّل في هذا السياق سلسلة احتجاجات متواصلة من طرف السكان، الذين لم يعودوا قادرين على الصمت أمام تصاعد الجرائم المنظمة، وسط عجز واضح من قيادة بوليساريو عن فرض النظام أو حتى تقديم رواية رسمية بشأن ما يجري.
وبدل التجاوب مع المطالب الشعبية، تلجأ الجبهة، كما دأبت منذ سنوات، إلى الترهيب وتكميم الأصوات، في محاولة لإخماد أي تحرك قد يفضح الواقع المزري داخل المخيمات.
وعبّرت منظمات حقوقية محلية ودولية عن قلقها إزاء تنامي الانفلات الأمني في تندوف، مؤكدة أن ما يحدث لا يمكن فصله عن مسؤولية الجزائر، بصفتها الدولة التي تحتضن هذه المخيمات على ترابها، وتوفر غطاء سياسياً وأمنياً لكيان انفصالي بات عاجزاً عن حماية من يدّعي تمثيلهم.
وتشير التقارير الحقوقية الأخيرة إلى ارتفاع حالات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والابتزاز الممنهج، في غياب تام لأي آليات للمراقبة أو التحقيق.
وتندرج قضية الشيخ المختطف ضمن نمط مقلق من الانتهاكات التي تُرتكب في تندوف بعيداً عن أنظار الإعلام والرقابة الدولية، ما يطرح بإلحاح ضرورة فتح تحقيقات مستقلة وشفافة، تُحمّل المسؤولية للجهات المتورطة، وتضع حداً لحالة الفوضى التي أصبحت تهدد حياة المدنيين وكرامتهم تحت غطاء مشروع انفصالي فقد كل مبرراته الأخلاقية والقانونية.