✍️– ع. د:
- Advertisement -
بعد مرور أكثر من سنتين على تنصيب عمداء المدن بعد انتخابات شتنبر 2021، بات من شبه المؤكد أن عمدة أو عمدتين سيتم عزلهما أو إقالتها، أو حتى دفعها إلى الاستقالة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة.
ولا يبدو أن اسمي العمدتين لغزا، لأن الجميع يعرف أن عمدة الرباط، أسماء اغلالو، المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار، كانت على وشك الاستقالة أو الإقالة قبل أن تتجمد الأوضاع مؤقتا، كما أن عمدة طنجة، منير ليموري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، صارت إقالته أو عزله مطلبا شعبيا في المدينة، بل إن قيادات داخل الحزب ساخطة عليه ولن تتردد في لعب دور “نيران صديقة” من أجل إسقاطه.
- Advertisement -
وفي الرباط تبدو مشاكل العمدة اغلالو عصية على الحل بعد فشلها في عقد جلسات المصادقة على الميزانية، وهو ما صار موجبا لبدء إجراءات العزل من طرف وزارة الداخلية، كما أن علاقتها متوترة جدا مع أعضاء مجلس الرباط، بمن فيهم أعضاء حزبها.
كما أن اغلالو لا تحظى بدعم كبير من قيادة “الأحرار”، بحيث يتم النظر إليها كونها جالبة للمشاكل، خصوصا وأن جرعة عنادها لا تبدو معهودة بالنسبة لهذا المنصب الذي يتطلب الكثير من مهارة بهلوان السيرك والكثير من التنازلات المرة.
- Advertisement -
وعندما استفحل الوضع في الجماعة فإن اجتماع قمة تم عقده مع العمدة أسماء اغلالو بحضور شخصي لرئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، وقياديين آخرين في الحزب، من بينهم مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة.
وخلال هذا الاجتماع لم تدخر العمدة جهدا من أجل إيصال التفاصيل المملة حول المطالب غير السياسية لأعضاء مجلس المدينة، الذين اتهمتهم اغلالو بأنهم أصحاب مصالح شخصية، وأنها لن ترضخ لهم بالتوقيع لهم على “رخص منتصف الليل”.
وفي مدينة مثل الرباط، التي لا تترك هامشا كبيرا للمناورة للمنتخبين والعمداء، وحتى للولاة، فإن اغلالو تعاني من معضلة واحدة كبيرة وهي أنها فشلت في تدبير شؤون المجلس وحفظ التجانس الحزبي للتحالف المسير، وهو تحالف وهمي أكثر مما هو واقعي.
وفي ظل حالة الهدنة التي يعيشها مجلس مدينة الرباط حاليا، فإن الصراع محتدم حول من يخلفها، ما دام رحيلها شبه مؤكد، لذلك تتنافس عدد من الحيتان الانتخابية الكبيرة من أجل الجلوس على كرسي أغلالو.
أما الوضع في طنجة فلا يبدو مختلفا قليلا فقط عن الرباط، بل يبدو كارثيا في مدينة تسير بخطى حثيثة لكي تصبح القطب الاقتصادي الأول في المغرب، كما أنها مدينة تحطم الأرقام القياسية في الفساد بكل أشكاله، والتي يعتبر فيها منصب العمدة بمثابة مغارة علي بابا.
ولم يكن أحد في طنجة، وفي المغرب عموما، يسمع باسم منير ليموري، هذا الشخص الذي صار عمدة على المدينة بعد مفاوضات كارثية تلت انتخابات شتنبر 2021. فقد كان مسؤولا عن شيئين قبل ذلك، غرفة الصناعة التقليدية بالمدينة ومعمله الصغير لصنع الأحذية، وعندما تمت تسميته عمدة وجد الناس صعوبة كبيرة في نطق اسمه.. هل هو الليموني أو الميموني أو الماموني..!
تشكل التحالف الثلاثي في المدينة على غرار التحالف المركزي، الأحرار والبام والاستقلال، ومنذ البداية تأكد أن البام يشبه من يتمتع بالحكم الذاتي ويطمح إلى الانفصال، لذلك يتصرف العمدة مثل فيل هائج في متحف قش، واقترف أخطاء كارثية لم يرتكبها عمدة قبله.
لقد ظل الرجل منذ تعيينه ينزل من طائرة ليركب أخرى، واعتبر كثيرون ذلك انتقاما منه لأيام بؤس سفريات الصناعة التقليدية التي بالكاد تسمح له بالسفر عبر القطار أو الكار.
ولأن حصيلة الخطايا في مجلس طنجة تصعب على العد، فإن من أبرزها الكشف عن أزيد من 50 رخصة موقعة ومختومة من العمدة، وبها مخالفات خطيرة، لذلك سارع العمدة إلى التصريح بأن التوقيعات والأختام ليست له، ووضع شكاية لدى القضاء، وإلى حد الآن لم يتم الكشف عن أي جديد في الموضوع.. وعموما فإن الكرة في يد القضاء.
وربما يشترك عمدة طنجة مع عمدة الرباط في الجهل بكثير من المعطيات القانونية الخاصة بالتسيير، وهو ما جعلهما معا محط سخرية من طرف المخضرمين في هذا المجال، فقد تلقت أسماء اغلالو من قبل رسالة ساخرة من زميلها في الجماعة وفي الحزب، رئيس مقاطعة حسان، يتهمها بالجهل بأبسط أبجديات التسيير، والمثير أنه فعل ذلك كتابة وباللهجة الدارجة، إمعانا منه في إهانتها.
وقبل أيام حدث الشيء نفسه في طنجة بعدما تلقى منير ليموري رسالة من مستشارة تنبهه إلى الكثير من هفواته وزلاته، وهي أيضا تعمدت السخرية منه وكأنها تقول له “من الزبالة للطيفور”..!.
لكن في كل الأحوال فإن جماعة طنجة تتفوق على جماعة الرباط بسنوات ضوئية في مجال الفساد والفوضى، ومنذ أن تولى هذا العمدة مسؤوليته، فيما يشبه ضربة حظ عبثية، فإن الاتهامات تلاحق الجماعة في قضايا كثيرة، وهناك شبهات كثيرة تحيط بالمجلس تجعل منه مصيبة انتخابية حقيقية، ومن الصعب جرد كل فضائح المجلس، لكن يكفي الحديث عما سمي “الرخص المزورة” وعشرات الرخص الممنوحة لمقاول شهير يدعى الزويتني، وأشياء كثيرة أخرى، أو كما تقول قناة الجزيرة “ما خفي أعظم”..!
لكن عمدة طنجة لا يثير فقط غضب الطنجاويين، بل إن المرأة القوية في حزب “الأصالة والمعاصرة” وعمدة مراكش، فاطمة الزهراء المنصوري، عندما زارت طنجة مؤخرا، أدركت هول الكارثة التي حلت بطنجة مع عمدة مثل ليموري، وهذا ما يدركه أيضا الأمين العام للبام، عبد اللطيف وهبي، وربما لم يفت الأوان لكي يستدرك “البام” خطأه الكارثي ويعتذر لسكان طنجة عن الإهانة التي لحقت بهم عبر فرض هذا “العمدة – المصيبة” عليهم.