افتتحت جمهورية الإكوادور، الجمعة، أول تمثيلية دبلوماسية لها بالمغرب، بعد إعلانها، في أكتوبر 2024، تعليق الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” المزعومة وقطع علاقاتها معها بشكل نهائي، منهية بذلك أربعة عقود من الانحياز إلى أطروحة انفصالية باتت تعاني عزلة دبلوماسية متزايدة.
وجرت مراسيم تدشين سفارة الإكوادور في العاصمة الرباط بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزيرة العلاقات الخارجية والتنقل البشري الإكوادورية، غابرييلا سومرفيلد، في أجواء عكست إرادة البلدين في إرساء شراكة متينة والانفتاح على آفاق تعاون متقدمة.
ويأتي هذا التطور الدبلوماسي تتويجا لقرار الإكوادور، الصادر يوم 22 أكتوبر 2024، بتعليق اعترافها بما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، التي سبق أن اعترفت بها سنة 1983، وفتحت لها ما سمي بـ”سفارة” في كيتو سنة 2009.
وقد أبلغت الوزيرة الإكوادورية نظيرها المغربي بهذا القرار، مؤكدة أنه تم توجيه رسالة رسمية إلى ممثلي الكيان الانفصالي لإبلاغهم بإنهاء جميع أشكال العلاقات.
ويندرج هذا الموقف ضمن الدينامية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، لترسيخ مغربية الصحراء واعتماد مبادرة الحكم الذاتي لسنة 2007 كأساس جاد وواقعي لتسوية هذا النزاع المفتعل، كما يعكس توجها متناميا في أمريكا اللاتينية لإعادة تقييم مواقفها السابقة من هذا الملف في ضوء التطورات الإقليمية والدولية.
وقال ناصر بوريطة إن افتتاح هذه السفارة يشكل “ترجمة ملموسة لقرار تاريخي يعزز السيادة الوطنية للمغرب ويكرس مغربية الصحراء”، مضيفا أن الرباط تحتضن حاليا 165 بعثة دبلوماسية، من بينها 50 تمثيلية لمنظمات دولية، و14 سفارة من أمريكا اللاتينية، ما يجعل منها فضاء دبلوماسيا استراتيجيا وجسرا يربط بين القارتين الإفريقية والأمريكية.
وأكد الوزير أن العلاقات مع الإكوادور تدخل اليوم مرحلة جديدة تقوم على شراكة “رابح-رابح”، وتسعى إلى تطوير التعاون في مجالات متعددة، من بينها الاقتصاد والطاقات المتجددة والتعليم والتنمية المستدامة، ضمن رؤية جنوب-جنوب ترتكز على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
من جانبها، اعتبرت غابرييلا سومرفيلد أن افتتاح سفارة بلادها في المغرب يؤسس لعهد جديد من الدينامية في العلاقات الثنائية، مشددة على أن هذه التمثيلية تعد أول حضور دبلوماسي للإكوادور في منطقة المغرب العربي، وتشكل بوابة نحو الأسواق الإفريقية الصاعدة.
وأضافت رئيسة الدبلوماسية الإكوادورية أن كيتو تعتزم تعميق التعاون مع الرباط في قطاعات استراتيجية وتبادل الخبرات، معربة عن تقديرها لمكانة المغرب الإقليمية وقدرته على لعب دور محوري في تعزيز روابط الجنوب العالمي.
وخلال المباحثات الثنائية التي سبقت حفل الافتتاح، جددت سومرفيلد دعم بلادها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، معتبرة إياها “الحل الوحيد الجاد وذي المصداقية لتسوية هذا النزاع الإقليمي”.
ويكرس هذا التقارب بين الرباط وكيتو مسارا جديدا في العلاقات المغربية مع أمريكا اللاتينية، التي شهدت في السنوات الأخيرة تحولات لافتة لصالح الطرح المغربي، وسط تراجع الدعم التقليدي للكيان الانفصالي داخل القارة.