أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد المغربي سجل خلال الفصل الثاني من سنة 2025 نموًا قدره 5,5%، مستفيدًا من تحسن الأنشطة غير الفلاحية، وانتعاش الاستثمار، وارتفاع الاستهلاك الداخلي، في وقت تفاقمت فيه الحاجة لتمويل الاقتصاد بسبب اتساع الفجوة بين الادخار الوطني وحجم الاستثمار.
وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، في سلسلة مذكرات إخبارية حول الوضعية الاقتصادية، أن الطلب الداخلي شكّل المحرك الرئيسي للنمو، مرتفعًا بنسبة 9,2% على أساس سنوي، مقابل 6,6% في نفس الفترة من العام الماضي، بمساهمة إجمالية بلغت 9,9 نقاط مئوية في النمو الاقتصادي.
وارتفع إجمالي تكوين الاستثمار بنسبة 18,9%، وهو ما دعم النمو بـ5,6 نقاط، بينما سجل استهلاك الأسر نموًا بنسبة 5,1%، واستهلاك الإدارات العمومية بنسبة 6,5%، وفق المصدر نفسه. وبلغ معدل الادخار الوطني 29,3% من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 28,4% في السنة الماضية، في حين مثّل الاستثمار 32,5% من الناتج، مما أدى إلى تفاقم حاجة الاقتصاد الوطني للتمويل إلى 3,2% من الناتج، بعد أن كانت 1,6% فقط قبل عام.
على مستوى البنية القطاعية، ارتفعت الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 5,5%، والفلاحة بنسبة 4,7%، ما أدى إلى نمو عام بنسبة 4,2% في القطاع الأولي، رغم تراجع أنشطة الصيد البحري بـ7,7%. أما القطاع الثانوي، فسجل أداءً لافتًا بنمو بلغ 7,4%، مدعومًا بارتفاع الصناعات التحويلية بنسبة 6,9%، والبناء والأشغال العمومية بـ6,7%، والخدمات المرتبطة بالكهرباء والغاز ومعالجة النفايات بـ8,9%.
في المقابل، سجل القطاع الثالثي نموًا متوسطًا بلغ 4,8%، مقارنة بـ4,2% في الفترة نفسها من السنة الماضية، مدفوعًا بارتفاع نشاط الفندقة والمطاعم بنسبة 10,5%، والخدمات الإدارية والاجتماعية بـ4,8%، والتجارة بـ4,4%. في حين تباطأت وتيرة نمو خدمات التعليم والصحة إلى 5,7%، والنقل والتخزين إلى 4,3%.
وبالرغم من تسجيل الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية ارتفاعًا بنسبة 7,8%، فإن المستوى العام للأسعار واصل تباطؤه، ليستقر عند 2,3% خلال الفصل الثاني، بعد أن بلغ 3,9% قبل عام، ما يعكس نوعًا من الاستقرار النسبي في التضخم.
من جهة أخرى، أظهرت البيانات الرسمية استمرار الضغط الخارجي، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 15,7%، مقابل 13,6% في نفس الفترة من 2024، بينما بلغت نسبة نمو الصادرات 8,5%. وأسفر ذلك عن مساهمة سلبية للمبادلات الخارجية في النمو، بلغت 4,4 نقاط، وهي أعمق من المساهمة السلبية المسجلة خلال العام السابق (4,1 نقاط).
ويشير مجمل هذه المعطيات إلى أن الاقتصاد الوطني استعاد جزءًا من ديناميته خلال الربع الثاني من العام، بفضل قوة الطلب الداخلي وتحسن الإنتاج، لكنه ما يزال يواجه تحديات بنيوية تتعلق بضعف الادخار مقارنة بوتيرة الاستثمار، وتزايد الضغط على ميزان الأداءات الخارجية.

