تعج شوارع مدينة طنجة؛ في الأسابيع الأخيرة؛ بأعداد متزايدة من محترفي التسول الإعتيادي القادمين من مختلف مناطق المغرب؛ لمزاولة أنشطتهم المخالفة للقانون.
وفي غمرة اجواء شهر رمضان المبارك؛ تحولت “عروس الشمال”؛ التي يؤمن أهلها بقيم التضامن الاجتماعي وفعل الخير لا سيما خلال هذه الفترة من السنة؛ إلى محج لآلاف من المتسولين الذين يمارسون هذه المهنة بشكل اعتيادي.
وأمام الأعداد “المخيفة” للمتسولين في شوارع المدينة؛ صار كثيرون يتفادون الجلوس في المقاهي المتمركزة بوسط المدينة، لأنها تستقطب جميع أصناف “الشحاذين” والمشردين الذين يتعبون الزبائن بطلباتهم المتكررة كل مرة.
ولا يفارق المتسولون أرصفة المدينة، خاصة في أحيائها الراقية، حيث يستهدفون النساء على وجه التحديد، اللائي يضطررن إلى “اتقاء شرهم” بإعطائهم بعض الدريهمات لتفادي ملاحقتهن والتحرش بهنّ، لا سيما خلال الفترة المسائية أو الليلية.
وفي الوقت الذي لا تتوفر فيه معطيات تتعلق بأعداد الأشخاص الذين يحترفون التسول، فإن مصادر عديدة تؤكد أن حجم الإيرادات المالية التي يجنيها هؤلاء “الشحاذون” تقدر بملايين الدراهم شهريا.
معطيات غير رسمية، تفيد أن بعض الأشخاص يتحصلون على أموال تتراوح قيمتها منما بين 1000 الف درهم و3000 درهم، مشيرة إلى أن فئة من محترفي التسول يتنقلون بين مدنهم وقراهم وطنجة، بوتيرة يومية.
ولم تعد “مهنة” التسول تقتصر على الأشخاص المسنين المحتاجين إلى كسب المال، أو الأطفال الصغار الذين يتم استئجارهم من طرف النساء، بل ولجها الشباب أيضا، بعدما صاروا يطلبون بدورهم “الصدقة” لسد رمقهم من الفقر والجوع، بدعوى البطالة التي “تنخر” المجتمع.
وفي راي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تمت الدعوة إلى “تشديد العقوبات القضائية ضد الشبكات التي تستغل الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في حالة إعاقة من أجل كسب أرباح عبر استغلالهم في التسول”.
واعتبر المجلس، ان التسول “ظاهرة اجتماعية معقدة من حيث أسبابها الظرفية والبنيوية، وأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأشكالها المتعددة، وتداعياتها على الأفراد والمجتمع والنظام العام”.
ويأتي اشتغال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على موضوع ممارسة التسول لاعتبارات عديدة؛ “أولها أن هذه الممارسة لا مكان لها ضمن طموح الدولة الاجتماعية التي تسعى بلادنا إلى إرسائها بشكل تدريجي بناء على أسس استراتيجية ومستدامة”.
واشتغل المجلس على هذه الممارسة أيضا؛ لكونها “تمس بالدرجة الأولى فئات هشة في حاجة إلى الحماية من كل استغلال ومُتاجرة، لا سيما الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة”، ولأن التسول انتهاكا للكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للأشخاص الذين يمارسونها”.