لا يزال مصنع رينو الجزائر للإنتاج (RAP) في وهران متوقفًا رغم جاهزيته منذ 2024، بسبب عدم حصوله على الترخيص اللازم من السلطات الجزائرية، في خطوة تعكس مناخ الأعمال غير المستقر في البلاد، حيث تواجه الشركات الأجنبية عقبات إدارية متكررة تتأثر بالسياق السياسي والدبلوماسي المتوتر بين الجزائر وفرنسا.
ورغم استثمار المجموعة الفرنسية 15 مليار دينار جزائري (أكثر من 106.7 مليون يورو) في تحديث المصنع وفقًا للمعايير التي فرضتها الحكومة الجزائرية منذ 2023، إلا أن الإنتاج لم يبدأ بعد، مما يهدد بتفاقم خسائر الشركة وتأخير خلق مئات فرص العمل.
وقال المدير العام لـ RAP، ريمي هويون، في تصريحات نقلتها الصحافة الجزائرية: “على الرغم من كل الجهود المبذولة، لم نحصل بعد على الترخيص الرسمي، ما يتسبب في تداعيات مالية خطيرة على المصنع”.
ويأتي هذا التعطيل في سياق توتر دبلوماسي مستمر بين الجزائر وباريس، حيث تشهد العلاقات بين البلدين تقلبات متكررة منذ سنوات، خصوصًا بعد تصريحات متبادلة انتقدت فيها السلطات الفرنسية طبيعة النظام الجزائري ونهجه في إدارة العلاقات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية.
ويرى مراقبون أن العراقيل التي تواجهها رينو في الجزائر ليست مجرد إجراءات بيروقراطية، بل تعكس إرادة سياسية لمعاقبة المصالح الفرنسية، في وقت تسعى فيه الجزائر إلى تنويع شركائها الاقتصاديين بعيدًا عن نفوذ باريس التقليدي.
ويعتبر قطاع السيارات في الجزائر واحدًا من أكثر القطاعات تأثرًا بالتقلبات السياسية، حيث انسحبت عدة شركات عالمية من السوق الجزائرية خلال السنوات الأخيرة بسبب غياب الاستقرار التنظيمي والقرارات المتضاربة للسلطات.
وكانت الجزائر قد فرضت في 2019 إجراءات جديدة أوقفت بموجبها نشاط العديد من العلامات التجارية الأجنبية، مما أدى إلى انهيار سوق السيارات المحلية، وارتفاع الأسعار، وتراجع فرص الاستثمار.
وتعود علاقة رينو بالسوق الجزائرية إلى عام 1922، حيث كانت الشركة الفرنسية لاعبًا رئيسيًا في قطاع السيارات بالبلاد. ورغم تحقيقها رقمًا قياسيًا ببيع 80,000 مركبة في 2018، إلا أن استمرار العراقيل قد يدفعها إلى إعادة تقييم وجودها في الجزائر، خصوصًا في ظل تنامي المنافسة الإقليمية لاستقطاب المستثمرين الأجانب.