تتصاعد في الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية دعوات متزايدة لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية، في ظل ما تعتبره تقارير استراتيجية تهديدا مباشرا للمصالح الأمريكية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وتورطا صريحا للجبهة في أنشطة مسلحة وممارسات غير قانونية ذات صلة بشبكات التهريب والتطرف.
وتأتي هذه الدعوات في سياق تحولات جيوسياسية متسارعة، أظهرت فيها جبهة البوليساريو اصطفافا عمليا ضمن محور إيران وروسيا والصين، من خلال تلقي الدعم اللوجستي والعسكري، بما في ذلك طائرات بدون طيار من الحرس الثوري الإيراني، والتنسيق مع منظمات مصنفة إرهابية مثل حزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني.
كما تُتهم الجبهة بتحويل المساعدات الإنسانية داخل مخيمات تندوف إلى دعم للبنية القتالية، وبتجنيد القُصر، وفرض التجنيد الإجباري داخل هذه المخيمات التي تخضع لسيطرتها شبه المطلقة.
ويستند المدافعون عن خيار التصنيف إلى سجل الجبهة في خرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، وتورط عدد من أعضائها السابقين في تنظيمات متطرفة، من أبرزها حالة عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي انتقل من صفوف الجبهة إلى قيادة فرع تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، قبل أن يُقتل في عملية فرنسية بشمال مالي.
وترى أصوات داخل الكونغرس الأمريكي أن الوقت قد حان لتجاوز سياسة الحياد التقليدية، واعتماد موقف أكثر وضوحا تجاه ما يوصف بأنه مصدر متجدد لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وتشير هذه الأصوات إلى أن المغرب، باعتباره حليفا رئيسيا من خارج الناتو، وشريكا استراتيجيا في جهود مكافحة الإرهاب، يستحق دعما أمريكيا صريحا في مواجهة ما تعتبره تهديدا ممنهجا لأمنه واستقراره.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد اعترفت، في دجنبر 2020، بسيادة المغرب على الصحراء، في قرار اعتُبر حينها تحولا في السياسة الأمريكية، وهو الموقف الذي عززته دول غربية أخرى، بينها فرنسا وإسبانيا، بدعم خطة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط كحل سياسي واقعي للنزاع.
وترى تقارير أمنية أمريكية أن استمرار عدم التصدي لجبهة البوليساريو يسمح بتعميق التغلغل الإيراني في شمال إفريقيا، ويوفر أرضية خصبة لامتداد شبكات تهريب السلاح نحو الجماعات الجهادية الناشطة في الساحل، كما يضعف الجهود الدولية لتأمين الاستقرار الإقليمي، ويهدد سلامة الجنود الأمريكيين المتمركزين في المنطقة.
ويحذر خبراء استراتيجيون من أن تساهل واشنطن مع ما تصفه بـ”الوكلاء المسلحين” الذين تديرهم الجزائر يخالف مبادئ مكافحة الإرهاب، ويُضعف مصداقية الالتزامات الأمريكية تجاه حلفائها. ويؤكد هؤلاء أن تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية أجنبية سيشكل رسالة واضحة ضد رعاية الحروب بالوكالة، وسيمنح المغرب دفعة سياسية وأمنية مهمة، ويُربك حسابات المحور الروسي الإيراني الصيني في المنطقة.