تسلّمت الزاوية القادرية البودشيشية، الجمعة، الهبة الملكية السنوية خلال مراسم احتضنها مقرّها الرسمي بمدينة مداغ بإقليم بركان، وذلك بحضور معاذ القادري الذي ناب عنها بصفته شيخًا للطريقة، في أول تمثيل رسمي له منذ إعلان انتقال المشيخة إليه أواخر غشت الماضي.
وجرى تسليم الهبة من طرف وفد الحجابة الملكية، وفقًا لما جرى به العمل في مختلف المناسبات الدينية، في إشارة رسمية إلى تثبيت القيادة الجديدة على رأس الزاوية، وإنهاء الوضع الانتقالي الذي أعقب وفاة الشيخ جمال الدين القادري في 8 غشت عن عمر ناهز 83 عامًا.
وكان منير القادري، نجل الشيخ الراحل، قد أعلن بتاريخ 27 غشت 2025 تنازله الخطي عن المشيخة لفائدة شقيقه معاذ، في وثيقة مكتوبة تتضمن تأكيدًا على “الاستمرار في خدمة الطريقة”، ما اعتُبر حسمًا مؤسسيًا لمسألة الخلافة التي لم تُعلن فور الوفاة.
تندرج الهبة الملكية المخصصة للزوايا والأضرحة ضمن العناية الموصولة التي يوليها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس لحملة القرآن الكريم وأهل الصلاح والتقوى، وتُسلَّم سنويًا من طرف وفد الحجابة الملكية، وفق تقليد راسخ يجسد صلة الدولة المغربية بمرجعياتها الروحية.
وتُسجَّل هذه المبادرة ضمن مظاهر الرعاية الملكية للطرق الصوفية، بصفتها مكونًا أصيلًا من مكونات الثوابت الدينية للمملكة، إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي وإمارة المؤمنين.
ويُعد تسلّم معاذ القادري للهبة نيابة عن الزاوية أول مؤشر ميداني على تثبيت موقعه داخل البناء المؤسساتي للطريقة، بعد فترة تداول داخلي لم تُعلن خلالها ترتيبات الخلافة بشكل رسمي.
وحرصت الزاوية على أن يتم هذا الانتقال دون انقسام تنظيمي أو خلاف علني، ما سمح بالحفاظ على وحدة المريدين واستمرارية العمل الروحي والتربوي داخل مختلف الفروع.
وتُعد الزاوية القادرية البودشيشية من أكبر الزوايا الصوفية بالمغرب، وتتمتع بحضور دولي واسع، لاسيما بأوروبا وغرب إفريقيا. وتنشط في مجالات التربية الروحية، وتنظيم الملتقيات الفكرية، والدبلوماسية الدينية، وتربطها علاقات تنسيقية مع مؤسسات عمومية وأكاديمية داخل وخارج المغرب.
ولم يُعلن بعد عن أي تعديل في الهيكلة التنظيمية للطريقة، كما لم تُحدد طبيعة توزيع المهام بين معاذ القادري وباقي الأطر المركزية، وعلى رأسهم منير القادري، الذي ما زال يُعد من أبرز وجوه التأطير داخل الزاوية.
إلا أن مشاركة الشيخ الجديد في مراسم التسلّم، بصفته الرسمية، تضعه في موقع المسؤولية المباشرة عن التمثيل والتدبير، في انتظار تبلور صيغة نهائية لبنية القيادة.

