تشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا متزايدًا، خاصة في ظل الخلافات حول قضية الصحراء المغربية. يأتي هذا التصعيد في وقت حساس قبل الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في 7 شتنبر 2024، مما يعقد الأمور ويضع عقبات أمام حل القضايا العالقة بين البلدين، بما في ذلك قضايا الذاكرة المشتركة المتعلقة بالماضي الاستعماري.
حرب الذاكرة والسياسة الداخلية
يرى حسني عبيدي، الباحث في مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، أن الرواية الوطنية حول حرب التحرير الجزائرية لا تزال تؤثر بشكل كبير على السياسة الداخلية في الجزائر. وخلال فترة الانتخابات الرئاسية، يصبح الجزائريون أكثر حساسية تجاه هذه القضايا، مما يؤثر على اختياراتهم السياسية.
في ذكرى يوم المجاهد، أشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، المرشح لولاية ثانية، إلى تاريخ الاستعمار الفرنسي، مُذكّرًا باستخدام فرنسا للقوة العسكرية لقمع الثورة الجزائرية. ووفقًا لعبيدي، قد يحتاج تبون إلى تعديل خطابه الانتخابي لتفادي الانتقادات المحتملة بشأن السياسة الخارجية، خاصة بعد فشل محاولاته في تعزيز التقارب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضايا الذاكرة.
اللجنة المشتركة والمؤرخون
في صيف عام 2022، اتفق تبون وماكرون على تشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين لدراسة القضايا العالقة وحل الأزمة الدبلوماسية التي بدأت قبل ذلك بعام بسبب تصريحات ماكرون حول النظام السياسي الجزائري. ومع ذلك، يشير عبيدي إلى أن ملف الذاكرة لم يشهد تقدمًا كبيرًا ولم يتمكن من التحرر من التأثيرات السياسية.
تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر لا يزال يحمل جراحًا عميقة، بدءًا من احتلالها عام 1830، مرورًا بالتدمير الاجتماعي والاقتصادي، وصولًا إلى حرب الاستقلال. وتشير تقديرات المؤرخين الجزائريين إلى أن عدد الضحايا وصل إلى مليون ونصف مليون قتيل بين عامي 1945 و1962، بينما تتحدث المصادر الفرنسية عن نصف مليون ضحية.
المطالب الجزائرية المستمرة
تطالب الجزائر باستعادة العديد من القطع الأثرية والوثائق التاريخية التي نُقلت إلى فرنسا بعد الاستقلال، بما في ذلك جماجم قادة المقاومة وأرشيف الفترة الاستعمارية. كما تسعى الجزائر للحصول على اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية، بما في ذلك التجارب النووية التي أجريت في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966.
الخلافات السياسية والتأثيرات المستقبلية
يعتبر العديد من المؤرخين أن الاعتراف بالاستعمار كـ”جريمة ضد الإنسانية” سيكون خطوة نحو التصالح الحقيقي، وهو المصطلح الذي استخدمه الرئيس الفرنسي ماكرون خلال حملته الانتخابية الأولى عام 2017، مما أثار موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية الفرنسية.