يشهد المغرب في صيف 2024 أزمة حادة في أسعار السردين، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، مما أثار نقاشًا حادًا حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة. هذه الأزمة أثرت بشكل كبير على العائلات المغربية، خاصة تلك التي تنتمي إلى الفئات الضعيفة والمتوسطة، مما أجبر الكثيرين على استبعاد السردين ومنتجات البحر من قوائمهم الغذائية اليومية.
مطالبات بالتدخل الحكومي
في ظل هذه الأزمة، دعت الجهات المعنية بقطاع الصيد إلى تدخل حكومي عاجل لتنظيم عمليات البيع والشراء في الأسواق المحلية. فقد توجهت الاتحادات المهنية إلى مجلس المنافسة، مطالبةً بفرض رقابة صارمة على مسارات بيع الأسماك للحد من ارتفاع الأسعار غير المبرر ومكافحة بعض الممارسات غير القانونية في السوق.
العوامل المؤثرة على الأسعار
بحسب الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة في الموانئ والأسواق المغربية، هناك ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر على أسعار الأسماك في المغرب. العامل الأول هو غياب الرقابة على العرض والطلب، مما يؤدي إلى اختلال في توازن السوق. العامل الثاني يتعلق بالظروف المناخية وتأثيرها المباشر على البيئة البحرية، حيث إن عدم الالتزام بالتوصيات البيولوجية وفترات الراحة اللازمة للصيد يؤدي إلى استنزاف الموارد السمكية. وأخيرًا، فإن العامل الثالث يتعلق بعدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لتثمين منتجات البحر في الأسواق المحلية، حيث دعت الكونفدرالية إلى اعتماد نظام مزادات حقيقي، خاصةً للسردين، بهدف تعزيز القيمة المضافة وتحقيق الاستدامة في القطاع.
دور التشريعات في تحقيق الاستقرار
لتنظيم السوق وضمان استقرار الأسعار، دعت الكونفدرالية إلى إبرام اتفاقية جماعية تشمل مجلس المنافسة والمكتب الوطني للصيد ووزارة الصيد البحري، إضافة إلى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. تهدف هذه الاتفاقية إلى تحديد سعر شراء عادل للأسماك، مع ضمان جودة المنتجات حتى تصل إلى المستهلك النهائي.
كما دعت الكونفدرالية إلى تضمين قانون “البيع الثاني” ضمن التشريعات الحالية لتنظيم عمليات البيع والشراء في الأسواق السمكية. وأشارت إلى أهمية التطبيق الفعّال للقوانين القائمة، مثل القانون 08-14 الذي ينظم تجارة الأسماك بالجملة والقانون 12-15 الذي يراقب مسار المنتجات السمكية من الصيد حتى البيع.
الأزمة في الجنوب وتداعياتها الوطنية
أبرز رئيس الكونفدرالية، عبد اللطيف سعدوني، أن الأزمة الحالية تتعلق أساسًا بالخلل في توازن العرض والطلب، خاصة في فترات الذروة مثل فصل الصيف وشهر رمضان. وأشار إلى أن الإنتاج في موانئ الجنوب شهد تراجعًا بنسبة 85% هذا العام، مما زاد من تفاقم الأزمة.
وأكد سعدوني أن هذه الأزمة ليست نتيجة لمشكلة منافسة حقيقية، بل هي نتيجة للمضاربة غير المنظمة وغياب الرقابة. ودعا السلطات إلى مراجعة السياسات والتوجيهات السابقة وإعادة هيكلة الموانئ وتكثيف التعاون مع الجهات المعنية لضمان استدامة القطاع وضبط الأسعار.
مطالب بإجراءات صارمة
تطالب الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة وزارة الصيد البحري والمكتب الوطني للصيد بمراجعة التدابير السابقة والعمل على إعادة هيكلة تنظيم القطاع. وتشدد على ضرورة مكافحة انتشار نقاط البيع غير الرسمية، ووضع حد للممارسات غير القانونية، وتعزيز الرقابة على أساليب الصيد لضمان استقرار الأسعار وحماية المستهلك.
تعكس هذه الأزمة الحاجة الملحة إلى تدخل حكومي عاجل وإصلاحات هيكلية لضمان استدامة قطاع الصيد، والحفاظ على مصلحة المستهلكين، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد البحرية.