أصدر المجلس العلمي الأعلى بالمغرب فتوى شرعية مفصلة حول الزكاة، تقترح تأطيرًا فقهيًا شاملاً يستوعب الواقع الاقتصادي المعاصر، في خطوة تُعد الأولى من نوعها لتوحيد المرجعية التطبيقية لهذه الفريضة على المستوى الوطني.
وتستند الوثيقة إلى المذهب المالكي، لكنها توسع نطاق المال الخاضع للزكاة ليشمل قطاعات حديثة كالصناعة والإعلام والطاقة والحقوق المعنوية، في مواكبة للتحولات الاقتصادية التي يشهدها المغرب.
وحددت الفتوى ثمانية قطاعات كبرى تجب فيها الزكاة: الفلاحة، الماشية، منتجات الفلاحة غير الحبوب، الغابات، الصيد، التجارة، الصناعة، والخدمات. واعتمدت في تصنيفها على التقسيم الرسمي للأنشطة الاقتصادية المعتمد من المندوبية السامية للتخطيط.
وأكدت الوثيقة أن غايتها “بيان الأحكام الواجبة على من تحق عليه الزكاة”، مشددة على أنها لا تمس بالأسس التعبدية للفريضة ولا تحولها إلى بديل عن الضريبة.
وفي الجانب التطبيقي، حددت الفتوى نصاب الزكاة بـ 85 غرامًا من الذهب أو 595 غرامًا من الفضة، مع ترجيح الفضة “لتوسيع دائرة الوجوب”، ما يعادل 7438 درهمًا بالأسعار الحالية.
وأدخلت الوثيقة تفصيلاً جديدًا بشأن زكاة الأجور والمداخيل، باعتماد الأجر الأدنى (3266 درهمًا شهريًا) كأساس لاحتساب النفقة، قبل قياس الزكاة على ما يفيض عن هذا الحد.
وشددت الفتوى على أولوية صرف الزكاة للفقراء والمساكين وفق التعاريف الحديثة للهشاشة، مع استبعاد بعض المصارف الكلاسيكية كـ”المؤلفة قلوبهم” لعدم انطباقها على السياق الراهن.
وأعلن المجلس العلمي الأعلى أنه سيطلق موقعًا إلكترونيًا لاستقبال استشارات المواطنين، خصوصًا حول الأنشطة المستحدثة المدرة للدخل.
وتندرج هذه الفتوى ضمن مسار تأهيل الخطاب الديني بالمغرب ليواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وقد تمهد لطرح نقاش أوسع حول تنظيم الزكاة ضمن إطار مؤسساتي حديث تحت إشراف إمارة المؤمنين.

