يواصل المغرب ترسيخ موقعه كرائد إقليمي في مجال الطاقات المتجددة، مستندًا إلى مشاريع واسعة النطاق تهدف إلى تعزيز إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة، مع التركيز على انعكاساتها التنموية والاجتماعية.
وتراهن الحكومة على الطاقات الريحية والشمسية ليس فقط لتحقيق السيادة الطاقية، بل أيضًا لدعم التنمية المحلية، خاصة في المناطق الهشة، من خلال تحسين الخدمات الأساسية وخلق فرص الشغل.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، إن الوكالة المغربية للطاقة المستدامة نفذت أكثر من 236 مشروعًا للتنمية المحلية إلى غاية سنة 2024، بميزانية فاقت 250 مليون درهم، مما مكّن من تحسين ظروف عيش أكثر من 130 ألف شخص.
وأضافت أن هذه المشاريع شملت تنظيم 13 قافلة طبية مكنت 27 ألف شخص من الاستفادة من خدمات صحية، إلى جانب تسعة مشاريع لتحسين الولوج إلى المياه الصالحة للشرب في إقليم ورزازات، مشيرة إلى أن هذه المبادرات تندرج في إطار مقاربة شمولية تستهدف فك العزلة عن المناطق النائية وتحقيق العدالة المجالية في توزيع ثمار التنمية.
وأكدت المسؤولة الحكومية أن قطاع الطاقات المتجددة بات يشكل رافعة رئيسية لخلق فرص الشغل وتعزيز التنمية الاقتصادية، لافتة إلى أن الوكالة قامت بكهربة عدد من القرى في منطقة الحوز عبر أنظمة شبكية صغيرة تعتمد على الطاقة الشمسية الفوطوضوئية والتخزين بالبطاريات، مما ساهم في تحسين مستوى العيش وتقليص الفجوة الطاقية بين المناطق الحضرية والقروية.
وفيما يتعلق بالطاقة الريحية، قالت بنعلي إن القدرة الإنتاجية للمشاريع المنجزة بلغت 2373 ميغاواط حتى نهاية 2024، موزعة بين الإنتاج التعاقدي والإنتاج الذاتي وفق القانون 13-09، مشيرة إلى أن الحكومة برمجت إضافة 2.6 جيغاواط من الطاقة الريحية بين عامي 2023 و2027، باستثمارات تناهز 36 مليار درهم.
وأوضحت أن هذه المشاريع لا تقتصر على إنتاج الكهرباء فقط، بل تسهم في تعزيز الاندماج الصناعي الوطني، من خلال خلق أنشطة اقتصادية مرتبطة بسلاسل القيمة الطاقية، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لفائدة الساكنة المحلية.
وأضافت الوزيرة أن المغرب يتمتع بمؤهلات كبيرة في مجال الطاقة الريحية، خصوصًا في المناطق الساحلية مثل طنجة، حيث تصل سرعة الرياح في بعض المواقع إلى ما بين 7.5 و11 مترًا في الثانية، مما يجعلها وجهة مفضلة للاستثمارات في هذا المجال.
كما أشارت إلى أن المملكة تراهن على تطوير مشاريع طاقة ريحية بحرية بالنظر إلى الإمكانات الواعدة التي يوفرها الساحل الأطلسي، وهو ما يندرج ضمن توجه أوسع يروم استغلال مختلف الموارد الطبيعية المتاحة لتعزيز الأمن الطاقي وتحقيق الاستدامة.
وتسعى الحكومة إلى جعل الطاقات المتجددة رافعة اقتصادية واجتماعية، في ظل التوجه نحو تقليص التبعية للطاقات الأحفورية وتقوية المزيج الطاقي الوطني، حيث تستهدف المملكة بلوغ 52% من حاجياتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2030.
كما تراهن الحكومة على الإصلاحات التشريعية والحوافز الاستثمارية لجذب مزيد من الفاعلين الدوليين في قطاع الطاقات النظيفة، بما يعزز مكانتها كوجهة رئيسية في مجال التحول الطاقي على الصعيدين الإقليمي والدولي.