في إطار استراتيجية واضحة لتنويع مصادر التسليح وتعزيز القدرات الدفاعية، أبدى المغرب اهتماماً قوياً باقتناء أنظمة عسكرية متطورة من كوريا الجنوبية، في خطوة تؤشر على تحوّل مهم في خياراته الدفاعية نحو شركاء جدد أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية.
ويأتي هذا التوجه في سياق الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزّور، إلى العاصمة الكورية سيول، حيث أجرى لقاءات رفيعة المستوى مع كبار مسؤولي الدفاع وممثلي شركات صناعات الأسلحة مثل “هيونداي روتيم”، و”هانوا إيروسبيس”، و”كوريا إيروسبيس إنداستريز”.
وخلال المحادثات، عبّر الوفد المغربي عن اهتمامه بثلاثة أنظمة رئيسية تمثل طفرة نوعية في تطوير القوات المسلحة الملكية، تشمل دبابة القتال الرئيسية “K2 بلاك بانثر”، والغواصة الهجومية “KSS-III”، ومنظومة الدفاع الجوي المتوسط المدى “Cheongung-II”، حيث يمثل كل واحد منها قفزة نوعية في تحديث القدرات العسكرية المغربية.
ويعكس هذا الانفتاح المغربي على كوريا الجنوبية إرادة واضحة في الابتعاد التدريجي عن الاعتماد الحصري على المزودين التقليديين، إذ يستند هذا التحول إلى معايير دقيقة تشمل التفوق التكنولوجي والمرونة في شروط الصفقات ونقل التكنولوجيا، مما يضع المغرب في مصاف الدول الساعية إلى بناء جيش حديث ومكتفٍ ذاتياً من الناحية التقنية.
كما أن اختيار كوريا الجنوبية، التي أصبحت منافساً رئيسياً في سوق السلاح العالمي، يُظهر رغبة الرباط في تنويع خياراتها الدفاعية انسجاماً مع متغيرات البيئة الجيوسياسية، في وقت يتزايد فيه التنافس على تطوير القدرات العسكرية في المنطقة.
وتعزز هذه الخطوة أيضاً التعاون الاقتصادي الثنائي بين المغرب وكوريا الجنوبية، حيث تجري مفاوضات لإبرام اتفاق شراكة اقتصادية واستثمارية جديدة تهدف إلى تعزيز موقع المغرب كبوابة استراتيجية نحو إفريقيا وأوروبا، مع توقعات بأن يسهل الاتفاق الأخير مع “هيونداي روتيم” في مجال القطارات الكهربائية إبرام اتفاقيات إضافية في القطاع الدفاعي، بما في ذلك إقامة مصانع لتجميع المركبات العسكرية بالمغرب.
وتنظر كوريا الجنوبية إلى المغرب باعتباره “دولة محورية عالمية” ضمن استراتيجيتها لتوسيع نفوذها في إفريقيا والشرق الأوسط، بينما يسعى المغرب إلى تعزيز مكانته كقوة إقليمية صاعدة مدعومة بقدرات دفاعية حديثة وقاعدة صناعية متطورة.
وفي حال إبرام الاتفاقيات الدفاعية المرتقبة، فإن المغرب قد يحدث تحولاً نوعياً في موازين القوى بشمال إفريقيا، ما سيدفع منافسيه الإقليميين إلى تسريع خططهم لتحديث ترساناتهم العسكرية.
ومن المتوقع أن تنطلق قريباً مفاوضات تقنية وتجارية مكثفة مع الشركات الكورية لاستكمال تفاصيل العقود، التي ستكون الأكبر من نوعها بين البلدين في مجال الدفاع، مع تضمينها بنوداً لنقل التكنولوجيا وبناء قدرات محلية للصيانة والتجميع.