رغم تعديلات اتفاقية التبادل الحر مع تركيا التي أُجريت في 2019، يواصل المغرب تسجيل عجز كبير في ميزانه التجاري مع أنقرة، حيث بلغ العجز 25 مليار درهم في عام 2023، مقارنة بـ 26.8 مليار درهم في عام 2022 و23.3 مليار درهم في عام 2021. ورغم الجهود الرامية إلى كبح واردات بعض المنتجات الصناعية التركية من خلال فرض رسوم جمركية تصل إلى 90%، إلا أن الفجوة بين الواردات والصادرات لا تزال قائمة، ما أثار استياء المغرب ودفعه إلى التفكير في تدابير إضافية.
ووفقًا للقانون رقم 54.20، الذي دخل حيز التنفيذ في ماي 2021، تفرض هذه الرسوم الجمركية على بعض المنتجات التركية لفترة خمس سنوات، مع تقييم سنوي للتبادل التجاري بين البلدين، وترك الباب مفتوحاً لإجراء مراجعات وتعديلات دورية على الاتفاقية بما يتماشى مع مصلحة الاقتصاد المغربي.
في هذا السياق، أشار وزير الصناعة والتجارة الأسبق، مولاي حفيظ العلمي، إلى مفاوضات جرت سابقاً مع الجانب التركي حول الأضرار التي لحقت بقطاع النسيج المغربي، ما أدى إلى فقدان الآلاف من الوظائف، مؤكداً على عدم استعداد المغرب لتحمل خسائر إضافية. وهدد حينها بتجميد الاتفاقية إن لم يجرَ التوصل إلى حلول تحفظ مصالح المملكة.
وقدمت وزارة التجارة والصناعة في عرض الميزانية الفرعية لها أمام البرلمان الأسبوع الماضي، برنامجاً يستهدف إعادة توازن التجارة مع تركيا بحلول عام 2025، من خلال الحصول على مزايا تفضيلية لبعض المنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري، وإلزام الشركات التركية العاملة في المغرب، مثل “بيم”، بزيادة نسبة المنتجات ذات التصميم المحلي، خصوصاً في قطاع النسيج، لتصل إلى 80% وفق اتفاقية الشراكة الموقعة في أكتوبر 2022.
كما يسعى المغرب لتحسين علاقاته التجارية مع الدول العربية، خصوصاً مصر، بعد تزايد الشكاوى من “ممارسات غير مشروعة” تمارسها بعض البلدان. وفي هذا الصدد، أشار الوزير الأسبق إلى عرقلة السلطات المصرية لصادرات مغربية وإدخال منتجات صينية تحمل علامات مصرية. ويأمل المغرب من خلال إعادة التفاوض حول اتفاقيات أكادير ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، تحسين وصول منتجاته إلى الأسواق العربية وضمان حماية صناعته المحلية.
وبالنسبة للتعاون التجاري مع الولايات المتحدة، يستهدف المغرب الاستفادة من “قانون الحد من التضخم” الأمريكي لتعزيز صادراته إلى الأسواق الأمريكية. وقد بدأت السلطات المغربية بالفعل في إجراء حوار منتظم مع الجانب الأمريكي لاستغلال كافة إمكانات اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بين البلدين.
هذا ويذكر أن العجز التجاري المغربي تفاقم بنسبة 7% في المتوسط خلال العقد الأخير، مع اعتماد أساسي على واردات مثل منتجات الطاقة والمواد الخام، والتي تشكل حوالي 88% من إجمالي العجز التجاري، ما يسلط الضوء على تحديات هيكلية أمام التوازن التجاري للمملكة.