تفوق المغرب لأول مرة على روسيا ضمن قائمة الموردين الرئيسيين للأسمدة الفلاحية نحو الاتحاد الأوروبي خلال شهر يوليوز الماضي، مسجلًا قيمة صادرات غير مسبوقة وسط تحولات تشهدها سلسلة التوريد الفلاحية بالقارة الأوروبية.
ووفق معطيات صادرة عن المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي “يوروستات”، بلغت قيمة صادرات المغرب من الأسمدة الفلاحية نحو بلدان الاتحاد 103 ملايين يورو خلال يوليوز، متقدمًا على مصر التي صدرت ما قيمته 51.3 ملايين يورو، والجزائر بـ 50 ملايين يورو، في حين تراجعت روسيا إلى المرتبة الرابعة بـ 43.1 ملايين يورو، بعد أن كانت المورد الأول في السوق الأوروبية.
ويُعزى هذا التحول إلى دخول رسوم جمركية جديدة حيز التنفيذ مطلع يوليوز، تشمل فرض ضريبة جزافية تبلغ 40 يورو للطن على الأسمدة النيتروجينية، و45 يورو للطن على الأسمدة المركبة، إضافة إلى رسم جمركي نسبي نسبته 6.5 بالمئة.
وتُطبق هذه الرسوم في إطار آلية تصاعدية ستبلغ ذروتها في أفق 2028، لتصل إلى 315 و430 يورو للطن على التوالي، وفق نوعية المنتج.
وتهدف هذه الإجراءات، حسب المفوضية الأوروبية، إلى تقوية الإنتاج الأوروبي المحلي وحماية منظومة القيم الفلاحية من ممارسات الإغراق، لا سيما في سياق تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية.
لكن في المقابل، فتحت هذه التدابير الباب أمام دول الجنوب، وفي مقدمتها المغرب، لتعزيز تموقعها كفاعل بديل ومستقر.
ويُعد المغرب من كبار الفاعلين في السوق الدولية للأسمدة الفلاحية، بفضل احتياطه الكبير من الفوسفاط، وتوفر بنيات صناعية وتحويلية متقدمة تشرف عليها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط.
وقد أطلقت المؤسسة برنامجا استثماريا يمتد من 2023 إلى 2027، بغلاف مالي يُقدر بـ 13 مليار دولار، يهدف إلى تعزيز الإنتاج الأخضر وتوسيع شبكة التوزيع نحو الأسواق الإفريقية والأمريكية، إضافة إلى اختراقات جديدة في السوق الأوروبية.
ويمثل هذا التحول في خارطة الموردين فرصة اقتصادية واستراتيجية للمملكة، التي تزاوج بين البعد التصديري والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي. كما يُنتظر أن تترتب عنه مكاسب هيكلية في ميزان الأداءات، في ظل ارتفاع الطلب الأوروبي على المدخلات الفلاحية الأساسية مع اقتراب الموسم الزراعي الشتوي.
وبحسب مختصين في الاقتصاد الفلاحي، فإن تموقع المغرب على رأس موردي الأسمدة للاتحاد الأوروبي يعكس دينامية جديدة في العلاقات الزراعية بين الضفتين، ويعزز دور المملكة ضمن المنظومة الدولية لسلاسل القيم الفلاحية، خصوصًا في سياق عالمي يتجه نحو المزيد من التوطين والتنوع في مصادر التوريد.

