تحاول الجزائر إعادة تموضعها في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، في خطوة تبدو دفاعية في مواجهة التقارب المتزايد بين الرباط والقيادة السورية الجديدة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل نفوذها التقليدي في دمشق.
وفي تحرك لافت، قام وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بزيارة دمشق، بعد أيام فقط من تهنئة الملك محمد السادس للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مؤشر على التغيرات التي يشهدها المشهد الدبلوماسي في المنطقة
ويرى مراقبون أن الجزائر، التي كانت من أبرز داعمي نظام الأسد، باتت في موقف صعب، خاصة بعد أن أصبحت القيادة السورية الجديدة أكثر انفتاحًا على محيطها العربي، بما في ذلك المغرب.
وطوال الأزمة السورية، احتفظت الجزائر بعلاقات قوية مع النظام المخلوع، رافضة الاعتراف بالمعارضة السورية، كما دعمت النظام سياسيًا وعسكريًا.
فيما تحدثت تقارير متعددة عن إرسال الجزائر عناصر عسكرية، إلى جانب مقاتلين من جبهة البوليساريو، لدعم قوات الأسد، في خطوة أكدت تقاربها مع المحور الإيراني-الروسي.
لكن انهيار النظام السوري غيّر المعادلة، ما جعل الجزائر مضطرة إلى إعادة حساباتها وسط متغيرات لا تصب في مصلحتها.
ويبدو أن القيادة السورية الجديدة تتجه نحو سياسة أكثر براغماتية، ما يفتح المجال أمام مراجعة مواقفها من عدة قضايا إقليمية، من بينها ملف الصحراء.
ولطالما استغلت الجزائر تحالفها مع الأسد لكسب دعمه في هذا الملف، لكن سقوط النظام السابق قد يعني فقدانها لهذا الامتياز، خصوصًا إذا ما قررت دمشق الجديدة انتهاج موقف أكثر توازنًا، أو حتى التقارب مع المغرب، الذي يُعتبر لاعبًا محوريًا في المنطقة.
وفي المقابل، يشير مراقبون إلى أن الجزائر تواجه عزلة متزايدة في المنطقة، مع تقلص نفوذها في ملفات مثل ليبيا ودول الساحل، إضافة إلى تصاعد التوتر مع دول الخليج وفرنسا.
ومع تقارب سوريا مع محيطها العربي، خصوصًا مع المغرب، يبدو أن خيارات الجزائر باتت محدودة للحفاظ على نفوذها التقليدي في دمشق.
ويؤكد محللون أن الجزائر، التي كانت تعتمد على علاقتها الوطيدة مع نظام الأسد لتعزيز موقعها الإقليمي، قد تجد نفسها مضطرة إلى البحث عن تحالفات جديدة، بعدما أصبحت دمشق أقل ارتباطًا بها.
وإذا ما تبنت القيادة السورية الجديدة موقفًا متوازنًا أو داعمًا للمغرب في ملف الصحراء، فقد يكون ذلك ضربة قوية للدبلوماسية الجزائرية.