في السادس من أكتوبر المقبل، يكمل الدبلوماسي السويدي الإيطالي ستيفان دي ميستورا عامه الأول كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة خاص بقضية الصحراء المغربية.
وتُثار تساؤلات متصاعدة بشأن قدرة دي ميستورا على تحريك عجلة تسوية نزاع ممتد منذ عقود بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، لاسيما في ظل توترات بين الجارتين المغرب والجزائر.
وتتمثل مهام المبعوث الخاص في تحريك المفاوضات بين طرفي النزاع على مسار تسوية دائمة مأمولة.
وفي 12 يناير الماضي، زار ميستورا المغرب ضمن أول جولة له بالمنطقة شملت الجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف للاجئين أقصى جنوب غربي الجزائر.
وأعلنت الرباط، عقب زيارة دي ميستورا، التزامها بالعملية السياسية على أساس مبادرتها للحكم الذاتي.
وقبل أسبوع، اختتم دي ميستورا ثاني جولة له إلى المنطقة وشملت المغرب في يوليو/ تموز الماضي، ثم الجزائر ومخيمات اللاجئين بتندوف بداية شتنبر الجاري.
واعتبر خبير مغربي، أن مهام المبعوثين الأمميين إلى الصحراء لا تتعدى سقف توثيق مواقف أطراف النزاع.
فيما قال آخر إنه لتقييم أداء دي ميستورا يجب أن نضع بالاعتبار تعنت الأطراف الأخرى في الملف مع مقترحات سلفه، واعتماد المغرب ما باتت تُعرف بـ”دبلوماسية القنصليات”.
تلطيف أجواء
وقال الباحث المغربي في العلاقات الدولية نبيل الأندلوسي إنه “على مشارف انتهاء سنة على تعيينه مبعوثا أمميا إلى الصحراء، دشن دي مستورا جولة ثانية إلى المنطقة في محاولة لتلطيف الأجواء”.
وتابع الأندلوسي، النائب السابق لرئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين، أن “المبعوث الأممي استمع إلى مواقف وتصورات أطراف النزاع، خاصة بعد التطورات التي عرفتها العلاقات المغربية الجزائرية”.
واعتبر أن “مهمة الوسيط الأممي، سواء دي ميستورا أو غيره، لم ولن تتجاوز سقف تدبير الأزمة في ملف الصحراء المفتعل”. مردفا “لا أحد ينتظر من المبعوث الأممي حل الإشكال والنزاع”.
ولفت إلى أن “المغرب الرسمي والشعبي يعتبر قضية الصحراء قضية وجود لا حدود، وهو ما سبق وعبَّر عنه الملك محمد السادس”.
“الحل بيد الجزائر”
واعتبر الأندلوسي أن “مهام المبعوثين الأمميين إلى الصحراء لا تتعدى سقف تدبير الأزمة وتوثيق مواقف الأطراف أو طرفي النزاع، وأن الحل بيد الجزائر وليس البوليساريو”.
ودعا الجزائر إلى “مراجعة مواقفها بشأن هذا الصراع والذي له خلفيات تاريخية، في ظل انعكاسات سلبية لاستمرارية هذا النزاع على جميع شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم الشعب الجزائري”.
وفي 5 شتنبر الجاري، بحث وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مع دي ميستورا تطورات القضية وتعزيز الجهود الأممية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب و”البوليساريو” للتوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين”، وفق بيان للخارجية الجزائرية.
وشددت الخارجية على ضرورة أن يضمن الحل السياسي “تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وعقيدتها في مجال تصفية الاستعمار”.
دبلوماسية القنصليات
فيما اعتبر الأكاديمي المغربي المختص بالعلاقات الدولية محمد العمراني بوخبزة، أنه يجب “الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعطيات لتقييم أداء دي ميستورا”.
وقال بوخبزة، عميد كلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان: “لنتذكر أولا أن دي ميستورا جاء بعد تقديم المبعوث الألماني السابق استقالته، بفعل ما اعتبره آنذاك ظروفا شخصية، لكن اتضح جليا أن هناك تعنت لدى الأطراف الأخرى في التفاعل مع مقترحاته”.
وتابع: “الآن دي ميستورا يأتي في ظل توقف المفاوضات، وكذلك في سياق تحولات عميقة جدا يعرفها ملف الصحراء”.
وأضاف أن “المغرب اعتمد آلية ما باتت تُعرف بدبلوماسية القنصليات، مما شكل اختراقا كبيرا مع التحول الكبير في مواقف كبريات العواصم الدولية المؤثرة في الملف”.
و”دبلوماسية القنصليات” يُقصد بها إقناع المغرب دولا عديدة بفتح قنصليات لها في إقليم الصحراء، ضمن مساعي الرباط لتأكيد سيادتها في الإقليم.
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب و”البوليساريو” إلى أواخر 2018 وأوائل العام التالي، ولم يحدث تطور يُذكر منذ ذلك التاريخ.
ونهاية شتنبر 2018، دعا المبعوث الأممي آنذاك هورست كوهلر الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع “طاولة مستديرة” في مدينة جنيف لبحث قضية الصحراء.
وعُقدت هذه الاجتماعات في دجنبر 2018 والربع الأول من العام التالي، بمشاركة المغرب و”البوليساريو” والجزائر وموريتانيا، لكنها لم تثمر شيئا.