عززت التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها مختلف جهات المملكة منسوب الأمل لدى الفلاحين والفاعلين في القطاع الفلاحي، بعد فترة طويلة من نقص الأمطار الذي أثر سلباً على المزروعات والموارد المائية.
وساهمت هذه الأمطار في تحسين الغطاء النباتي، ورفع حقينات السدود، وتعزيز آفاق الموسم الفلاحي الحالي، وهو ما أكده عدد من المسؤولين والفاعلين في القطاع.
في المناطق الفلاحية الكبرى مثل سايس، الشاوية، دكالة، وتادلة، تهاطلت الأمطار بكميات مهمة، ما انعكس إيجاباً على الزراعات الخريفية، خاصة الحبوب والقطاني التي تعتمد بشكل أساسي على التساقطات المطرية.
وأوضح محمد العلمي، مدير تنمية سلاسل الإنتاج بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن هذه التساقطات “جاءت في توقيت ملائم، إذ ستساعد في تحسين الحالة النباتية للمزروعات ورفع المردودية، خاصة بعد فترة تأخر الأمطار”.
وأضاف العلمي، في تصريحات نقلتها وكالة المغرب العربي للانباء، أن الزراعات المسقية ستستفيد بدورها من تحسن الموارد المائية السطحية، مما يعزز من فرص تحقيق موسم فلاحي جيد، رغم التحديات المناخية التي تواجهها المملكة.
من جانبه، أكد إدريس حنكور، مدير البحث والتخطيط المائي بوزارة التجهيز والماء، أن التساقطات الأخيرة ساهمت في تغذية الموارد المائية السطحية والجوفية، وسجلت عدة سدود ارتفاعاً في حقيناتها، ما يخفف من الضغط المتزايد على الفرشات المائية التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
وأشار في تصريح مماثل، إلى أن “المملكة لا تزال في حاجة إلى انتظام التساقطات خلال الأسابيع المقبلة لضمان تحسن مستدام على مستوى الموارد المائية”، مبرزاً أن حجم التساقطات المسجل إلى حدود الساعة يظل غير كافٍ لسد العجز المسجل خلال السنوات الماضية.
وفي المناطق الجنوبية والشرقية، حيث يعتمد الرعاة على المراعي الطبيعية، وفرت التساقطات الأخيرة كميات هامة من الكلأ، مما سيساهم في تحسين ظروف تربية الماشية وتقليل الاعتماد على الأعلاف المركبة التي ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة.
وأوضح عبد الرحمان الناصري، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة درعة تافيلالت، أن هذه التساقطات “شكلت متنفساً للكسّابة الذين عانوا من ضعف المراعي، وهي تساهم في استقرار المنظومة الفلاحية والرعوية بالجهة”، مشيراً إلى أن استمرار تحسن الوضعية رهين باستمرار التساقطات خلال الفترة المقبلة.
ورغم الأثر الإيجابي للتساقطات المطرية الأخيرة، فإن التحديات تظل قائمة، خاصة فيما يتعلق بضرورة انتظام الأمطار خلال الأشهر المقبلة، ورفع المخزون المائي للسدود إلى مستويات تضمن تلبية حاجيات السقي والتزود بالماء الشروب.
كما يظل التدبير المحكم للموارد المائية وترشيد استعمالها ضرورة ملحة، في ظل التغيرات المناخية التي تفرض على المملكة اعتماد مقاربات مستدامة لضمان الأمن المائي والفلاحي.