سجلت اسعار الذهب في الاسواق العالمية ارتفاعا تاريخيا خلال اكتوبر الجاري، حيث تجاوز سعر الاونصة لأول مرة عتبة 4000 دولار قبل ان يصل الى ذروته عند مستوى يتراوح بين 4300 و4350 دولار، بزيادة تقارب 50 بالمائة على اساس سنوي.
ويعكس هذا الارتفاع الحاد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي وتصاعد الاقبال على المعدن الاصفر كملاذ امن في ظل تباطؤ النمو وارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
غير ان تاثير هذا الارتفاع على الاقتصاد المغربي يبقى محدودا، اذ ان المملكة لا تعتمد على الذهب في تجارتها الخارجية، حيث تمثل واردات الذهب نسبة ضئيلة جدا مقارنة بواردات الطاقة او المواد الغذائية، ما يجعل اثر الاسعار العالمية على الميزان التجاري هامشيا.
وتبلغ الاحتياطيات الاجنبية للمغرب نحو 417 مليار درهم، ما يعادل من 5 الى 6 اشهر من الواردات، وهو مستوى يوفر شبكة امان قوية في مواجهة الصدمات الخارجية. كما يعزز خط الائتمان المرن مع صندوق النقد الدولي قدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها المالي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، يركز بنك المغرب على استقرار الاسعار والتحكم في التضخم الاساسي، اكثر من متابعة تقلبات اسعار الذهب، ويتدخل عند الضرورة عبر ادواته التقليدية مثل سعر الفائدة وسوق الصرف لضمان توازن السيولة واستقرار الدرهم.
ويقدر احتياطي الذهب المغربي بما بين 22 و23 طن، اي ما يعادل من 1.6 الى 1.8 مليار دولار وفق الاسعار الحالية، وهو ما يمثل نحو 4 بالمائة فقط من اجمالي الاحتياطيات الرسمية.
ويحتفظ بنك المغرب بهذا الاحتياطي كأصل استراتيجي طويل الامد لتنويع الاحتياطيات، وليس كمصدر مباشر للسيولة او كأداة تدخل نقدي.
ورغم ان الارتفاع الاخير في الاسعار العالمية رفع القيمة المحاسبية لهذا الاصل ضمن ميزانية البنك المركزي، الا انه لا يؤثر على جوهر السياسة النقدية، نظرا لان المغرب لا يقوم ببيع او شراء الذهب بشكل منتظم.
وبذلك، يظل تاثير الذهب على الاستقرار الاقتصادي والنقدي محدودا وغير مباشر، بينما تبقى الاحتياطيات بالعملات الاجنبية هي الركيزة الاساسية في تمويل الواردات والحفاظ على استقرار سوق الصرف.

