اختار الإعلام الجزائري، مرة أخرى، الانحدار إلى مستنقع الصبيانية في تناوله للأحداث المرتبطة بالمغرب وقيادته، مقدّمًا صورة كاريكاتورية لإعلام يفتقر للنزاهة والاحترافية، ويغرق في خطاب الكراهية الذي لا يليق حتى بأدنى مستويات الصحافة.
وفي أحدث مظاهر هذا الانحدار، نشرت صحيفة “الشروق”، التي لا تعدو كونها بوقًا للعسكر، مقالًا تهكميًا حول إصابة الملك محمد السادس أثناء ممارسته الرياضة، مستبدلة كعادتها المهنية بالمهزلة، واختارت أن تسخر من حادث عادي يعكس حيوية قائد مغربي، بينما فضحت بؤسها الأخلاقي وإفلاسها المهني.
فالملك محمد السادس، المعروف بنشاطه الرياضي ومواظبته على الحفاظ على لياقته، يمثل نموذجًا لقائد عصري يتقن فن التوازن بين مسؤوليات الحكم وصحته الشخصية.
أما الإعلام الجزائري، فقد اختار أن يحوّل هذا الحادث إلى مناسبة للتهكم، في محاولة يائسة لإخفاء الصورة البائسة لقيادة بلاده التي ترزح تحت وطأة الشيخوخة، والعجز، والغياب عن المشهد السياسي والاجتماعي.
وفي الواقع، لا يمثل هذا السلوك أية مفاجأة من إعلام يخضع بالكامل لتوجيهات العسكر. فهو لا يعرف سوى ثقافة التشويه والكراهية، حيث رأى في حادث رياضي عادي فرصة لتفريغ عقد نقصه المزمنة. إنه إعلام يعيش في حالة دائمة من الهروب من الواقع، متشبثًا بوسائل رخيصة لمحاولة صرف الأنظار عن الانهيار الداخلي في الجزائر.
وفي المقابل، تُقدّم القيادة الجزائرية نموذجًا مثيرًا للشفقة: قادة شاحبة ظلالهم، عاجزة عن أداء أبسط مهامها، ومنقطعة عن واقع شعبها الذي يعاني أزمات لا حصر لها. فكيف يمكن لإعلامهم أن يتحدث عن حيوية قائد مغربي وهو يعكس وجهًا لنظام متهالك لا يملك الجرأة حتى على الوقوف أمام شعبه؟
وما يزيد من فظاعة المشهد هو توقيت هذه المهزلة الإعلامية، التي تأتي في ظل أزمات خانقة يعيشها الجزائريون يوميًا. بينما يكافح المواطن من أجل لقمة عيشه، يختار إعلام العسكر التهريج والسخرية من قادة دول أخرى، وكأن هذا الأسلوب البائس يمكنه أن يطعم الجائعين أو يخفف من وطأة العجز التنموي الذي يرهق الجزائر.
إن استهداف الملك محمد السادس بهذا الشكل الصبياني يكشف أكثر مما يخفي. إنه تعبير عن خوف دفين من صورة قائد يتمتع بالكاريزما والحيوية، يقود بلاده نحو التطور بثبات. في المقابل، لا يجد النظام الجزائري سوى الظلال الباهتة لقيادة عاجزة عن تقديم نموذج يُحتذى به.