رغم التعديلات التشريعية المتلاحقة، لا تزال آجال الأداء في المعاملات بين الإدارات العمومية والمقاولات الصغرى تشكل نقطة توتر رئيسية في مناخ الأعمال بالمغرب.
فبعد مرور نحو عامين على دخول القانون رقم 69.21 المتعلق بمدونة التجارة حيز التنفيذ، لم تسجل المؤشرات الاقتصادية تحسنًا واضحًا في التزام المؤسسات العمومية والجماعات الترابية باحترام آجال الأداء القانونية، ما يثير تساؤلات حول نجاعة الأطر التنظيمية المعتمدة ومدى فعاليتها في الحد من هذه الإشكالية.
وقد كان الهدف من هذا القانون هو تقليص المدد الطويلة التي تستغرقها المؤسسات العمومية في تصفية مستحقات المقاولات، حيث نص على فرض غرامات مالية على الإدارات التي تتجاوز الآجال المحددة.
كما أنشأت الحكومة مرصدًا خاصا لمراقبة آجال الأداء، ونشرت وزارة الاقتصاد والمالية لوائح دورية بالمؤسسات المتأخرة في صرف مستحقاتها، في محاولة للضغط على المتعاملين العموميين للالتزام بالمقتضيات الجديدة.
ومع ذلك، فإن هذه التدابير لم تنعكس بشكل ملموس على أرض الواقع، حيث لا تزال شكاوى المقاولات تتزايد بشأن التأخر في الأداء.
في هذا السياق، تعالت أصوات الهيئات المهنية للتحذير من تبعات هذه الوضعية، ومن بينها “الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى”، التي رصدت استمرار معاناة أرباب المقاولات الصغرى والصغيرة جدًا من تأخر الأداء، مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع مخاطر الإفلاس.
وتشير الهيئة إلى أن التأخير في صرف المستحقات لا يعود فقط إلى إشكالات مالية، بل يرتبط أيضًا بإجراءات إدارية معقدة تزيد من صعوبة تحصيل المستحقات حتى بعد استيفاء جميع الشروط القانونية.
وترى الهيئة أن مجرد نشر لوائح المؤسسات المتأخرة في الأداء ليس كافيًا، إذ ينبغي تفعيل آليات ربط المسؤولية بالمحاسبة وإلزام الآمرين بالصرف داخل المؤسسات العمومية بالامتثال للضوابط القانونية.
كما دعت إلى إحداث آلية للتبليغ عن التأخر غير المبرر في الأداء، إلى جانب اعتماد حلول تمويلية تُمكن المقاولات الدائنة من مواجهة التحديات المالية الناجمة عن تأخر المستحقات.
وفي ظل هذه التفاعلات، يبدو أن إصلاح آجال الأداء لا يزال يتطلب إجراءات أكثر صرامة لضمان التطبيق الفعلي للقوانين، خاصة في ظل تداعيات هذه الإشكالية على نسيج المقاولات الصغرى، التي تمثل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني.