تسببت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن حرب أوكرانيا في اضطرابات داخل حلف شمال الأطلسي، مما دفع القادة الأوروبيين إلى تسريع وتيرة تحركاتهم الدبلوماسية لحماية وحدة الحلف وموقفه من الصراع.
في مواجهة التقارب المتزايد بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاجتماع بترامب بشكل منفصل في البيت الأبيض هذا الأسبوع، بهدف إقناعه بالحفاظ على دعم كييف والاستمرار في التزامات واشنطن تجاه الناتو.
وتتصاعد المخاوف الأوروبية من أن النظام الأمني الذي استند إلى الضمانات الأمريكية لعقود قد يواجه أزمة غير مسبوقة، خاصة مع إشارات ترامب المتكررة إلى رغبته في تقليل الالتزامات الأمريكية العسكرية في أوروبا.
أكد ترامب، في تصريح للصحافيين، أن هدفه الأساسي هو تحقيق السلام في أوكرانيا، مشددًا على ضرورة إجراء محادثات مباشرة بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
لكنه أثار الجدل بتصريحات اعتبرها مراقبون متماشية مع خطاب الكرملين، حيث وصف زيلينسكي بأنه “ديكتاتور غير منتخب”، وحمّل أوكرانيا مسؤولية اندلاع الحرب عام 2022.
تعزز التوجهات الأخيرة لترامب القلق الأوروبي من احتمال تخلي الولايات المتحدة عن دورها التقليدي في الدفاع عن القارة.
وسبق أن أثار ترامب جدلًا خلال ولايته الأولى بتهديده بالانسحاب من الناتو، وبتساؤلاته حول مبررات الإنفاق العسكري الأمريكي لحماية أوروبا.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، خلال مشاركته في مؤتمر سياسي بواشنطن، إن أوروبا “تمر بلحظة خطيرة” مع اتساع الفجوة بين ضفتي الأطلسي.
من جانبه، يرى نايجل غولد-ديفيز، الخبير في شؤون روسيا لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن المشهد الحالي يمثل “أزمة غير مسبوقة عبر الأطلسي”، مشيرًا إلى أن واشنطن قد تتجه للتفاوض مع روسيا بشكل منفصل، مما سيضعف التأثير الأوروبي في أي تسوية مستقبلية.
رغم التحذيرات، يؤكد مسؤولون أوروبيون أن على الاتحاد الأوروبي التحرك لتعزيز قدراته الدفاعية وتقليل الاعتماد على الدعم الأمريكي. وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكي راسموسن إن “أوروبا مطالبة بفعل المزيد لضمان أمنها ودعم أوكرانيا في هذه المرحلة الحرجة”.
في المقابل، حذرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من السقوط في “الأفخاخ الروسية”، مؤكدة أن وحدة الغرب ضرورية لمواجهة التحديات الأمنية.
بينما تتجه الأنظار إلى اللقاءات المرتقبة بين ترامب وماكرون، تبقى التساؤلات قائمة حول مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، ومدى تأثير أي تحولات سياسية أمريكية على توازن القوى العالمي.