تصاعدت حدة التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، مما دفع بروكسل إلى اتخاذ تدابير انتقامية تستهدف منتجات أمريكية بارزة، في خطوة تعكس تصاعد المواجهة الاقتصادية بين الجانبين.
وأعلنت المفوضية الأوروبية فرض رسوم “قوية ولكن متناسبة” على مجموعة من السلع الأمريكية، تشمل القوارب والدراجات النارية والبوربون، اعتبارًا من الأول من أبريل 2025.
وأكدت رئيسة المفوضية أورزولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي “يأسف بشدة” لهذه الخطوة، لكنه سيرد بحزم لحماية مصالحه الاقتصادية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الإجراءات قد تلحق ضررًا بالأسواق الأمريكية قبل الأوروبية، حيث من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة في قطاعات حساسة مثل الإلكترونيات وصناعة السيارات. وعلّقت الخبيرة الاقتصادية الألمانية لاورا فون دانييلز بأن نهج ترامب في السياسة التجارية يعزز حالة عدم اليقين، وهو ما تكرهه الأسواق المالية، محذرة من أن التضخم قد يرتفع مجددًا إلى مستويات حرجة، مما يزيد من احتمالات الركود الاقتصادي.
وفي سياق متصل، حذرت صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية من أن الأسواق المالية قد دخلت مرحلة “الصدمة المتأخرة”، حيث بات المستثمرون أكثر قلقًا بشأن المخاطر التي تهدد الاقتصاد الأمريكي، الذي لعب دورًا محوريًا في إنعاش الاقتصاد العالمي بعد الجائحة.
يواجه الاقتصاد الألماني تحديات كبيرة في ظل هذه الحرب التجارية، حيث يجتاز مرحلة صعبة بعد عامين متتاليين من التباطؤ. ومع ذلك، قدم “معهد كيل للاقتصاد العالمي” توقعات أكثر تفاؤلًا، مشيرًا إلى إمكانية تحقيق نمو بنسبة 1.5% في 2026، مقارنة بالتوقعات السابقة التي لم تتجاوز 0.9%.
وفي هذا الصدد، شدد المستشار الألماني أولاف شولتس على ضرورة إيجاد حل توافقي، رغم تأكيده على أهمية الرد الأوروبي الحازم، مشيرًا إلى أن التوتر التجاري يجب ألا يتحول إلى صراع طويل الأمد يضر بالاقتصاد العالمي.
من جانبه، أكد ترامب عزمه على الفوز في هذا النزاع، مشددًا على أن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يتم استغلالها اقتصاديًا بعد الآن. ووفقًا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن هذه المواجهة قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة، خاصة في ظل ارتفاع حالة عدم اليقين لدى المستهلكين والشركات.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، تتجه الأنظار إلى الخطوات المقبلة لكل من واشنطن وبروكسل، وسط تحذيرات من أن التصعيد المستمر قد يؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادي العالمي، ويدفع بالأسواق نحو مزيد من التقلبات.