شهدت السنوات الأخيرة في المغرب جدلًا متزايدًا حول التصاعد في الصدامات والمنافسة بين خدمات النقل العام والخاص، خاصة بين سيارات الأجرة التقليدية وتطبيقات النقل التشاركي.
أزمة النقل والوعود الحكومية
تأتي هذه الأزمة في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة ملحة في قطاع النقل، حيث تكررت وعود السلطات بمعالجتها. وتزايدت التقارير التي تشير إلى أن المغرب يعتزم حظر أي خدمات نقل غير قانونية تعتمد على التطبيقات، في ظل دعوات تنادي بتنظيم هذه الخدمات.
استضافة المغرب للأحداث الكبرى
تزامنت هذه الأزمة مع خطة المغرب لاستضافة أحداث رياضية هامة مثل بطولة كأس الأمم الأفريقية (AFCON) العام المقبل وكأس العالم في 2030. تجذب هذه الأحداث ملايين السياح، بالإضافة إلى السكان المحليين، مما يتطلب بنية تحتية ولوجستيات مجهزة بشكل كامل، وخاصة آليات نقل سلسة. يعد نظام النقل الفعال أمرًا حيويًا للتعامل مع تدفق الزوار ودعم استضافة هذه الأحداث البارزة بنجاح.
تحديات المواجهة بين سيارات الأجرة وخدمات النقل التشاركي
تشكل الأزمة المثيرة للجدل بين سيارات الأجرة وخدمات النقل التشاركي تحديات أمام قدرة المغرب على إدارة هذه الأحداث الكبيرة بفعالية. يعارض العديد من سائقي سيارات الأجرة تطبيقات النقل التشاركي، ويدعون إلى طرد مشغليها من البلاد.
في الأشهر الأخيرة، ظهرت مقاطع فيديو تظهر اشتباكات شديدة بين سائقي سيارات الأجرة وسائقي تطبيقات النقل التشاركي. وقد أظهرت اللقطات هجمات على سائقي خدمات مثل “إندرايف” وغيرها من المنصات المماثلة.
الحوادث الأخيرة وإعادة إشعال الجدل
حدثت إحدى الحوادث الأخيرة في مارس، حيث تعرض سائق خدمة نقل تشاركي يعمل مع “إندرايف” لهجوم عنيف في الدار البيضاء من قبل سائقي سيارات الأجرة. أعادت هذه الواقعة إشعال الجدل حول شرعية مطالب سائقي سيارات الأجرة تجاه تطبيقات النقل التشاركي.
انقسام الرأي العام والمخاوف الحقوقية
انقسم الرأي العام حول هذه القضية، حيث يدافع البعض عن سائقي سيارات الأجرة، بينما يدعم آخرون خدمات النقل التشاركي مؤكدين على إسهامها في خيارات النقل في المغرب. وقد أثارت الوضعية أيضًا قلق جماعات حقوق الإنسان التي دعت الحكومة إلى تنظيم خدمات النقل القائمة على التطبيقات لتجنب المزيد من العنف.
في مارس، أصدرت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحقوق الفردية بيانًا يدين الحادثة العنيفة، مشيرة إلى أن هذه الأعمال تشوه صورة المغرب العامة وأمنه وصناعة السياحة.
الحاجة إلى تنظيم وتوافق بين الأطراف
وأكدت المنظمة في بيانها على ضرورة تنظيم النزاعات القائمة بين هذين القطاعين من النقل، وضرورة التوصل إلى حل وسط يلبي احتياجات العملاء. وأشارت إلى أن العملاء يشكون من سوء معاملة بعض سائقي سيارات الأجرة، مما يدفعهم لتفضيل خدمات النقل القائمة على التطبيقات رغم نقص المستندات اللازمة لتشغيلها في القطاع.
ودعت المنظمة إلى وضع حد لبعض السلوكيات المشينة التي تضر بقطاع النقل الحضري، مشيرة إلى أن لديها أدلة على هذه السلوكيات.
الرد الحكومي وتوجهات المستقبل
علقت الحكومة بشكل متكرر على الوضع، مستجيبة للقلق بشأن نقص اللوائح الخاصة بتطبيقات النقل التشاركي. وفي مارس، أكد وزير النقل محمد عبد الجليل على الحاجة إلى توافق بين الجهات المعنية في القطاع العام لتقديم لوائح تنظيمية لتطبيقات النقل التشاركي.
وأشار الوزير إلى أن تنظيم النقل لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت جميع الأطراف المعنية في النقل العام، بما في ذلك سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والحافلات، مستعدة لدخول هذا النوع من النقل إلى السوق.
وأوضح أن نظام النقل في البلاد له خصوصياته، وأن سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة تلعب دورًا هامًا وتوفر خدمات للمواطنين المغاربة حيث تلبي احتياجات النقل العام الأساسية في المغرب.
واختتم الوزير بأن الوزارة تعمل على إطلاق دراسة تتعلق بتطوير رؤية مستقبلية للتنقل في المملكة لتحضير قطاع النقل للمستقبل.