في الأسابيع الأخيرة، شهدت مدينتا طنجة وتطوان حالة من الاستنفار الأمني والقانوني إثر تفجر قضيتي نصب كبيرتين أثارتا قلقاً عميقاً بين السكان المحليين وأثقلتا كاهل السلطات القضائية. حيث تجسدت القضية الأولى في عملية نصب تتعلق بالتسويق الهرمي في طنجة، بينما دارت القضية الثانية حول وعد وهمي برحلة سياحية إلى تركيا في تطوان.
التسويق الهرمي في طنجة
قبل أسابيع، تفجرت في طنجة قضية نصب كبرى ذات علاقة بالتسويق الهرمي، حيث تم توقيف ثلاثة أشخاص على ذمتها، ولا تزال التحقيقات جارية مع عدد من المتهمات الأخريات المعروفة بـ”الأدمينات“. هذه القضية أثارت ضجة كبيرة في المدينة، حيث تم تقديم آلاف الشكاوى إلى النيابة العامة بطنجة، بمتوسط يتجاوز المائة شكاية يومياً. وتقدر المبالغ التي تم الاستيلاء عليها بملايين الدراهم، حيث يتراوح إجمالي المبالغ المفقودة حول سبعة مليارات سنتيم.
الضحايا أفادوا أنهم تعرضوا لإغراءات بأرباح خيالية من خلال نظام التسويق الهرمي، ليكتشفوا لاحقاً أنهم وقعوا ضحية لخداع كبير. وقد قامت السلطات بتكثيف التحقيقات لضبط جميع المتورطين وضمان استرداد الأموال إلى أصحابها.
الوعد برحلة سياحية إلى تركيا في تطوان
في تطوان، تصاعدت شكاوى المواطنين ضد سيدة تُتهم بالنصب عليهم عبر وعدهم برحلة سياحية إلى تركيا، وهو الوعد الذي تبين لاحقاً أنه مجرد وسيلة للاحتيال. السيدة، التي تعمل في شركة للتدبير المفوض بتطوان، جمعت مبالغ مالية كبيرة من الضحايا، حيث تجاوزت قيمة المبالغ التي حصلت عليها مليوني سنتيم عن كل ضحية، قبل أن تختفي عن الأنظار.
الضحايا الذين اكتشفوا أنهم تعرضوا لعملية نصب جماعية، قدموا شكاويهم إلى النيابة العامة في تطوان، مطالبين بتحقيق فوري لاسترداد أموالهم. وقد بدأت السلطات بالتحقيق في هذه الشكاوى، ولكن لم يتم العثور على المتهمة أو استرجاع الأموال حتى الآن.
مأساة “مجموعة الخير”
وفي حادث مأساوي آخر، اهتز حي بنديبان في طنجة على وقع انتحار امرأة أربعينية بشرب مادة “الماء القاطع” داخل منزلها. الحادثة استدعت تدخل السلطات المحلية ونقل الهالكة إلى المستشفى الجامعي بطنجة، حيث فارقت الحياة هناك. تشير المصادر إلى أن السبب الرئيسي لفعلة الهالكة هو تورطها في عملية نصب كبيرة تتعلق بالتسويق الهرمي التي تديرها “مجموعة الخير” في طنجة، حيث كانت تلعب دور “الأدمينة” المسؤولة عن جمع الأموال قبل أن تقع ضحية الخداع.
تداعيات اجتماعية وقانونية
أثارت هذه القضايا قلقاً واسعاً بين السكان، حيث أصبحت عمليات النصب ظاهرة مقلقة تهدد الأمان الاقتصادي للأفراد. سبق أن تعرضت طنجة وتطوان لعمليات نصب مشابهة، مما يعكس تزايد هذه الجرائم في مدن أخرى بالمملكة.
تشير بعض الآراء إلى أن ضعف التوعية القانونية وعدم فهم الأفراد لطبيعة بعض العمليات التجارية المضللة مثل التسويق الهرمي قد يكون سبباً في انتشار هذه الجرائم. يطالب البعض بتشديد الرقابة على الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع الجمهور للحد من مثل هذه الممارسات.
استنفار أمني
تواجه السلطات الأمنية والقضائية في طنجة وتطوان تحدياً كبيراً في التعامل مع تزايد شكاوى النصب. هناك دعوات لتكثيف جهود التحقيق وتسريع الإجراءات القانونية لضمان محاسبة المتورطين وحماية المواطنين من الوقوع في مثل هذه الفخاخ مجدداً.
أكد مصدر أمني مسؤول أن السلطات تأخذ هذه القضايا بجدية، وستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لردع الأنشطة الإجرامية وضمان استرداد حقوق أصحابها.
تشديد المراقبة
في ظل هذه التطورات، تبرز الحاجة الملحة لتعزيز التوعية المجتمعية بأهمية الحذر من العمليات التجارية غير الموثوقة وضرورة التحقق من مصداقية أي عرض تجاري قبل المشاركة فيه. كما يتعين على الجهات المختصة زيادة الرقابة على الأنشطة الاقتصادية المعرضة لاستغلال المحتالين.
تصاعد عمليات النصب في المدن المغربية يثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات الوقائية الحالية، ويؤكد ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لحماية المواطنين من هذه الجرائم التي تهدد استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي.