يثير تعيين ماركو روبيو وزيرًا للخارجية الأميركية تساؤلات حول مستقبل العلاقات الإقليمية في شمال إفريقيا، خصوصًا في ظل مواقفه الصارمة تجاه الأنظمة المتحالفة مع روسيا ودعواته السابقة لفرض عقوبات على الجزائر.
وقد ينعكس هذا التغيير في الإدارة الأميركية بشكل كبير على موقف الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو، في وقت يعزز فيه المغرب مكاسبه الدبلوماسية بشأن قضية الصحراء.
ومنذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في عام 2020، شهدت الرباط تقدمًا ملحوظًا في ترسيخ دعم دولي لمبادرة الحكم الذاتي التي وصفتها واشنطن بـ”الحل الواقعي الوحيد”.
تاريخيًا، كانت الجزائر تتمتع بعلاقات قوية مع روسيا، مستندة إلى شراكات استراتيجية خاصة في مجالي الدفاع والطاقة.
وتُعتبر الجزائر واحدة من أكبر مستوردي السلاح الروسي، وهو ما قد يجعلها عرضة لضغوط أميركية متزايدة لتخفيف هذه العلاقات.
ويرى مراقبون أن تعيين روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه روسيا، قد يعيد تشكيل العلاقات الجزائرية-الأميركية بشكل جذري.
ففي تصريحات سابقة له، أشار روبيو إلى ضرورة فرض “عقوبات اقتصادية شديدة” على الدول التي تدعم موسكو، بما في ذلك الجزائر، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تداعيات كبيرة على العلاقات بين البلدين.
في هذا السياق، قد تجد الجزائر نفسها تحت ضغط متزايد للتخفيف من علاقاتها مع موسكو، ما قد يؤدي إلى تقليص دعمها لجبهة البوليساريو، في وقت يتزايد فيه العزل الدولي للجبهة.
وقد يتعزز هذا الضغط بفعل الدعوات الدولية لإيجاد حل سياسي للنزاع المستمر منذ عقود.
وتواجه الجزائر تحديات داخلية متزايدة، إذ تصاعدت المطالب الشعبية بتركيز الجهود على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بدلًا من الاستمرار في دعم البوليساريو.
وتشير تقارير إلى أن هذا الدعم يكلف الدولة موارد كبيرة دون تحقيق تقدم ملموس في النزاع.
وعلى الجانب الآخر، يسعى المغرب إلى تعزيز مكاسبه الدبلوماسية والاستفادة من التحولات الدولية. وتواصل الرباط استثماراتها في مشاريع تنموية كبرى في أقاليمها الجنوبية، بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع شركاء دوليين مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
ويمثل افتتاح العديد من القنصليات في مدن الصحراء المغربية دليلًا على نجاح المغرب في ترسيخ سيادته على المنطقة وحشد المزيد من الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي.
وفي ظل هذه التحولات، قد تجد البوليساريو نفسها أمام خيارات محدودة، حيث ان تقليص الدعم الجزائري وضعف التأييد الدولي قد يدفعها إلى إعادة النظر في مواقفها السياسية والتفاوض على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، رغم رفض الجزائر لهذا الخيار.
وتبدو المرحلة المقبلة حاسمة لكل من الجزائر والبوليساريو، حيث يتزايد الضغط الدولي لإيجاد حل سياسي واقعي للنزاع، في وقت يواصل المغرب تعزيز موقعه على الساحة الدولية بفضل مقاربته التنموية والدبلوماسية.