في إطار جهودها المستمرة لمكافحة الفساد وتعزيز التنمية البشرية، اتخذت وزارة الداخلية بقيادة الوالي محمد الدردوري خطوات جادة لتقييم وتتبع ملفات أسواق القرب. هذه الأسواق، التي كانت تهدف إلى تنظيم الأنشطة التجارية للباعة الجائلين، واجهت تحديات متعددة نتيجة الفساد الذي طال العديد من مشاريعها.
وقد أفادت مصادر مطلعة أن الفساد الذي غمر بناء أسواق القرب في مختلف الأقاليم لم يمر دون تدقيق. فقد أثمرت جهود الوالي الدردوري في تحريك ملفات الفساد المرتبطة بهذه الأسواق، مما أدى إلى إحالتها على محاكم جرائم الأموال. وقد صرفت أموال طائلة على هذه المشاريع، لكن الكثير منها لم يفتح أبوابه أمام من يستحقها من الباعة الجائلين، مما يثير تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الأموال.
اذ إن الفساد المرتبط بصفقات بناء أسواق القرب أدى إلى ضياع الملايير من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وتشير مصادر متابعة للملف ، انه تم منح هذه المشاريع لمقاولات مقربة من صناع القرار بعدد من الأقاليم ، مما زاد من تفشي الفساد دون رقيب.
ومن الملاحظ انه وبرغم من الانتهاء من بناء العديد من الأسواق، إلا أن الباعة الجائلين ما زالوا يشغلون الفضاءات العامة في المدن، مما يدل على عدم تحقيق الأهداف المرجوة من المشروع.
اذ لا زالت أسواق القرب تواجه إكراهات متعددة، منها تزايد عدد الباعة الجائلين وصعوبة الحصول على الوعاء العقاري المناسب. كما أن بعض الجهات تستغل جمعيات الباعة لتحقيق أغراض ضيقة، مما يعكس عدم الالتزام بالروح الحقيقية للمشروع. بالإضافة إلى ذلك، يعترض بعض السكان والتجار على إقامة الأسواق بالقرب منهم، مما يزيد من تعقيد الوضع.
جدير بالذكر بأن وزارة الداخلية كانت قد خصصت غلافًا ماليًا لمشروع تأهيل الباعة الجائلين بلغ مليار و600 مليون درهم على مدى أربع سنوات، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ مليار و450 مليون درهم ، لاجل المساهمة في تنظيم الأنشطة التجارية للباعة الجائلين في بيئة تحفظ كرامتهم وتحرر الملك العمومي، بالإضافة إلى توفير شروط الأمن والسلامة الصحية للمستهلكين.
وقد استفاد من مشروع أسواق القرب نحو 124 ألف بائع، حيث تم تنفيذ المرحلة التجريبية للمشروع سنة 2015 بـ42 عمالة وإقليما، وتم تعميمه لاحقًا. وقد تم تجهيز 338 فضاء تجاريًا .