في خطوة تهدف إلى إعادة تعريف قطاع السيارات الكهربائية، أعلنت مرسيدس-بنز بالتعاون مع شركة “فاكتوريال” الأمريكية عن تطوير بطارية جديدة من النوع الصلب تعد بمضاعفة مدى السيارات الكهربائية بشكل غير مسبوق. هذه التقنية الثورية قد تجعل من الممكن قيادة السيارات الكهربائية لمسافة تفوق 1200 كيلومتر بشحنة واحدة، وهو ما يمثل نقلة نوعية في عالم التنقل الكهربائي.
تقنية البطارية الصلبة: قفزة نحو المستقبل
تُعتبر البطاريات الصلبة واحدة من أكثر الابتكارات الواعدة في مجال السيارات الكهربائية. على عكس بطاريات الليثيوم أيون التقليدية التي تعتمد على محلول سائل، تستخدم البطاريات الصلبة إلكتروليتًا صلبًا، ما يفتح المجال لتحسينات كبيرة على صعيد الكفاءة والأمان.
ومن أبرز مميزات هذه التقنية:
زيادة الكثافة الطاقية التي تسمح بتخزين طاقة أكبر في نفس الحجم.
تقليل وزن البطارية ما يعزز كفاءة السيارة.
خفض مخاطر الحرائق بسبب استخدام الإلكتروليت الصلب.
إمكانية تخفيض تكاليف التصنيع على المدى البعيد.
تعمل مرسيدس حالياً مع “فاكتوريال” على تطوير حزمة بطاريات باسم “سولستيس” تهدف إلى تحقيق كثافة طاقية تصل إلى 450 واط في الساعة لكل كيلوغرام، وهو ضعف ما توفره أفضل البطاريات المتاحة حالياً في السوق.
استقلالية غير مسبوقة: أكثر من 1200 كم بشحنة واحدة
هذه التقنية المتقدمة تَعِد بزيادة مدى السيارات الكهربائية بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بالموديلات الحالية. فعلى سبيل المثال، قد يصل مدى سيارة مرسيدس EQS، التي توفر حالياً مدى يقارب 700 كيلومتر، إلى 1250 كيلومترًا بشحنة واحدة باستخدام تقنية “سولستيس”.
إلى جانب زيادة المدى، فإن البطاريات الصلبة قد تساعد في تقليل حجم البطارية، مما يؤدي إلى تخفيف وزن السيارة وتحسين كفاءتها وخفض تكاليف الإنتاج.
من المختبر إلى الطريق: تحديات الإنتاج الضخم
رغم الحماس المحيط بهذه التقنية الجديدة، إلا أن الانتقال من النماذج الأولية إلى الإنتاج الضخم لا يزال مليئًا بالتحديات. لكن “فاكتوريال” قد بدأت بخطوات متقدمة بفضل بطارياتها شبه الصلبة، والتي من المتوقع أن تكون متاحة في السيارات بحلول عام 2026. مرسيدس تخطط لتجهيز سيارة CLA الكهربائية بهذه البطاريات، والتي قد توفر مدى يصل إلى 750 كيلومترًا.
تأثير عميق على الصناعة والمستهلكين
دخول البطاريات الصلبة إلى السوق قد يغير بشكل جذري صناعة السيارات الكهربائية، حيث تتسابق شركات كبرى مثل تويوتا وفولكس فاجن وبي إم دبليو للاستثمار في هذه التقنية. بالنسبة للمستهلكين، تعني هذه التطورات الحصول على سيارات كهربائية بمدى مشابه أو حتى أفضل من السيارات التقليدية، مع تقليل فترات الشحن وزيادة العمر الافتراضي للبطاريات، بالإضافة إلى تحسين الأمان.
التحديات المتبقية
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات أمام تصنيع هذه البطاريات على نطاق واسع. تشمل هذه التحديات ضمان استقرار الإلكتروليت الصلب على المدى الطويل وتحسين عمليات التصنيع لتكون اقتصادية ومناسبة للإنتاج الضخم. ومع ذلك، فإن النجاح الذي حققته “فاكتوريال” حتى الآن يفتح الباب أمام مستقبل واعد لهذه التقنية.
باستثمار مرسيدس والشركات الكبرى في تطوير هذه التقنية، يبدو أن ثورة التنقل الكهربائي باتت أقرب مما نتخيل، وقد نشهد سيارات كهربائية تفوق في أدائها السيارات التقليدية خلال السنوات القليلة المقبلة.