في قلب مدينة طنجة، حيث تنبض الأسواق الشعبية بالحركة اليومية، يبرز سوق كسبراطا كواحد من أكثر النقاط جذبًا للتجار والمتسوقين.
بين الأزقة الضيقة والممرات المزدحمة، تعرض محلات تجارية بضائع استهلاكية بأسعار تقل كثيرًا عن المعدلات المعروفة.
علب من المشروبات الغازية، مساحيق تنظيف مستوردة، وحتى مواد غذائية معلبة، تحمل علامات تجارية أجنبية مجهولة المصدر، تجذب الزبائن بأثمانها المغرية.
في هذه الأجواء، يقول أحد سكان المنطقة: “الأسعار هنا منخفضة بشكل لا يقاوم، لكننا نتساءل أحيانًا عن مصدر هذه المنتجات”.
هذه الظاهرة التي باتت تثير قلقًا متزايدًا دفعت الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة إلى فتح تحقيقات دقيقة للكشف عن شبكات التهريب التي تقف وراء هذه السلع.
وأوضحت مصادر مطلعة أن طنجة، كبوابة رئيسية للبضائع القادمة من أوروبا عبر ميناء طنجة المتوسط، تمثل نقطة ارتكاز لهذه الأنشطة غير القانونية.
وقد كشفت الأبحاث عن مستودعات عشوائية في مناطق مثل بني مكادة تستخدم لتخزين كميات كبيرة من المواد المهربة قبل توزيعها ليلاً على محلات صغيرة ومطاعم شعبية.
كما أظهرت التحقيقات أن شبكات التهريب تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تطبيق تيك توك، للترويج السريع لمنتجاتها، مستغلة ضعف الوعي لدى المستهلكين.
في المقابل، كثفت السلطات الجمركية من عمليات التفتيش على المنافذ الحدودية، حيث تم إخضاع سيارات النقل النفعية وحافلات النقل الطرقي الدولي لرقابة صارمة.
ونجحت هذه العمليات في ضبط كميات كبيرة من المواد المشكوك في صلاحيتها، مع استمرار التنسيق مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لإجراء التحاليل الضرورية والتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الصحية.
في فندق الشجرة، حيث يعرض الباعة بضائعهم بأسعار مغرية على الأرصفة، يعترف أحد التجار بأن “الزبائن يبحثون فقط عن السعر الأرخص دون الاهتمام بالمصدر”.
هذه المعادلة الصعبة بين رغبة المستهلك في توفير المال وخطورة المنتجات المهربة دفعت الجمارك إلى تعزيز حملاتها بالتعاون مع وزارتي الصحة والفلاحة.
ورغم هذه الجهود، تبقى طنجة، بموقعها الجغرافي وطبيعتها الاقتصادية، في قلب معركة مستمرة بين شبكات التهريب وسلطات الرقابة.