يثير الارتفاع غير العادي في درجات الحرارة في المغرب خلال الأيام الأخيرة مخاوف واسعة النطاق، مع اقتراب فصل الشتاء الذي كان من المتوقع أن يجلب انخفاضًا تدريجيًا في درجات الحرارة.
في مدن مثل مراكش والعيون، سجلت درجات الحرارة مستويات تجاوزت 28 درجة مئوية، وهو ما يعتبر شذوذًا واضحًا عن المعدلات الموسمية المعتادة.
ويعزو خبراء المناخ هذه الظاهرة إلى تغيرات مناخية متسارعة تؤثر على معظم مناطق المملكة، ضمن نمط عالمي من التقلبات الجوية غير المسبوقة.
وتزامن هذا الارتفاع مع ظهور ظواهر مناخية أخرى، منها الرياح القوية والعواصف الغبارية في بعض المناطق، ما زاد من تعقيد المشهد المناخي في البلاد.
وتعد الآثار المحتملة لهذه الظروف المناخية على القطاع الزراعي، الذي يشكل عصب الاقتصاد المغربي، مصدر قلق كبير. يأتي ذلك في وقت يعاني فيه المغرب من جفاف ممتد للسنة الخامسة على التوالي، مع انخفاض حاد في الإنتاج الزراعي في المواسم السابقة.
في وقت يواجه فيه الفلاحون، الذين يعتمدون بشكل كبير على الأمطار، تحديات مضاعفة بسبب تأخر هطول الأمطار والموجات الحرارية التي قد تؤدي إلى تضرر المحاصيل.
وتشير توقعات الأرصاد الجوية إلى استمرار هذه التقلبات الجوية خلال الأسابيع المقبلة، مما يعمق المخاوف بشأن قدرة البلاد على مواجهة تداعياتها.
وفي هذا السياق، يحذر خبراء اقتصاديون، من أن تأثير هذه الظواهر يمتد ليشمل الأمن الغذائي للبلاد، حيث قد يؤدي استيراد المواد الغذائية لسد العجز في الإنتاج الوطني إلى تفاقم العجز التجاري.
كما أن هناك مخاوف من تأثيرات هذه الظواهر على الموارد المائية، حيث يعتمد المغرب بشكل كبير على السدود لتأمين احتياجاته من المياه.
ومع تراجع مستويات المياه في السدود بسبب الجفاف المستمر، يُخشى أن يؤدي استمرار هذه الظروف المناخية غير المعتادة إلى أزمة مائية أعمق.
من جهتها، تحذر منظمات بيئية من أن هذه الظواهر المناخية قد تكون مؤشرًا على تفاقم أزمة التغير المناخي في المنطقة، داعية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع هذه التغيرات.
وتشمل هذه الإجراءات تعزيز الاستثمار في تقنيات الزراعة المقاومة للجفاف وتحسين إدارة الموارد المائية.
على الرغم من هذه التحذيرات، يظل العديد من الفلاحين في المناطق القروية يترقبون الأمطار بفارغ الصبر، وسط أمل بأن تحمل الأسابيع المقبلة بوادر انفراج للأزمة المناخية التي تهدد أرزاقهم.