تمكن المغرب من التأكيد على أحقيته في حمل لقب بلد للتناقضات، وذلك بعد تمكن أحد الأشخاص من الجمع بين عضوية الباطرونا ونقابة عمالية.
فكما أن الغاية تبرر الوسيلة، كذلك هو المنصب يذيب التنافي. الحديث هنا عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي يضم من بين أعضائة شخصا أُحلَّ له وبشكل استثنائي الجمع بين صفتين متناقضتين لا يمكن جمعهما إلا في مغرب الاستثناءات.
عبد الإله حفظي، عضو فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، بمعنى، مستشار باسم الباطرونا، يتحول بين عشية وضحاها وبإيعاز من السيد رئيس مجلس المستشارين إلى نقابي بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال، في غفلة من قيادة الحزب التي إن كانت تعلم بذلك فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أكبر. فكيف أصبح السيد حافظي عضوا بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؟
من المعلوم أن تركيبة المجلس تضم أعضاء يعينهم الملك وآخرون يعينهم رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين، وأعضاء ينتمون إلى مؤسسات ونقابات وجمعيات….، وبما أن حصة مجلس المستشارين التي ينتمي إليها عبد الإله حفظي لا تتعدى مقعدين اثنين يحتدم الصراع بقوة حول من يفوز بهما، فقد وجد رئيس المجلس الذي هو في نفس الآن الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب مخرجا لصديقه، ليجعل من رئيس فيدرالية النقل بالاتحاد العام لمقاولات المغرب مناضلا عماليا باسم نقابة حزب الاستقلال، ويدخل إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من باب ظنه واسعا، بيد أنه بدأ يضيق عليه بفعل ما يتردد حول هذه الفضيحة التي تعتبر ضربا لمصداقية مجلس عينه جلالة الملك بهدف مواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين كفضاء تعددي للنقاش الحر والديمقراطية التشاركية وتنوير السياسات العمومية، ومواكبة صناع القرار في جهودهم لبناء مدرسة مغربية مستجيبة لتطلعات المغاربة.
ولندع قليلا الدور الذي يمكن أن يلعبه الرجل بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي لن يتعدى دفاعه عن مصالح المؤسسات الخاصة التي له فيها شأن، ولنتساءل عن نضاله كنقابي في وجه الباطرونا التي ينتمي إليها ويتغلغل في جدور فريقها بمجلس المشتشارين، وبالمقابل عن الدور الذي سيلعبه كعضو بالباطرونا في وجه النقابات العمالية التي ينتمي إلى واحدة من أعرقها!.
فهل يقبل اتحاد العام لمقاولات المغرب بهذه الازدواجية المتناقضة في صفتي أحد رجالها؟ وهل تقبل نقابة حزب الاستقلال بذلك أيضا؟ وكيف ستتعامل المؤسستان مع رجل بوجهين؟ والسؤال الأهم، هل يأمل المغاربة خيرا في مجلس يعين بعض من أعضائه بالتحايل؟