بعد مرور تسع سنوات على عرضها للبيع، لا تزال مصفاة “سامير”، الوحيدة من نوعها في المغرب، بلا مشترٍ رغم تقديم عشرات العروض المحلية والدولية، في وقت تتزايد فيه كلفة استيراد المنتجات البترولية المكررة من الخارج.
وتخضع “الشركة المغربية لصناعة التكرير” المعروفة بـ”سامير” للتصفية القضائية منذ عام 2016، عقب توقفها عن العمل نتيجة تراكم ديون تتجاوز أربعة مليارات دولار لصالح مصالح الجمارك وبنوك مغربية.
وفي العام التالي، عرضت المحكمة التجارية بالدار البيضاء أصولها للبيع بسعر افتتاحي بلغ 2.1 مليار دولار، دون أن يُفضي ذلك إلى أي صفقة.
وتعود ملكية “سامير” سابقاً إلى رجل الأعمال السعودي محمد العمودي، الذي لجأ في 2018 إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي، مطالباً بتعويض قدره 2.7 مليار دولار.
وقد حكم المركز بمنحه 150 مليون دولار فقط، بينما تسعى الحكومة المغربية لإلغاء القرار، معتبرة أن الملف لا يزال مفتوحاً.
وقال مصدر حكومي لـ”رويترز” إن استمرار الغموض القانوني والإجراءات القضائية المرتبطة بالملف يؤثر سلباً على فرص التفويت، مضيفاً أن المغرب يفضل بيع المصفاة بشكل كامل وليس عبر تجزئة أصولها لضمان جذب أكبر عرض استثماري.
من جهته، يعتبر الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن غياب رؤية حكومية واضحة لإعادة إحياء صناعة التكرير يشكل العقبة الرئيسية أمام إنقاذ المصفاة، مشيراً إلى أن الاستثمار في التكرير يتطلب وضوحاً في التوجهات وسياسات طويلة الأمد.
وكانت “سامير”، قبل توقفها عن العمل عام 2015، تغطي نحو 64 بالمئة من احتياجات المملكة من الوقود المكرر، وتوفر إمكانيات تخزين تبلغ حوالي مليوني متر مكعب. وأدى توقفها إلى اعتماد المغرب بشكل كامل على الاستيراد، بكلفة فاقت 12 مليار دولار خلال العام الماضي.
وتقول النقابة إن استئناف التكرير يمكن أن يقلص هذه الكلفة بنحو ملياري دولار سنوياً، مشيرة إلى أن استصلاح المصفاة يتطلب نحو 300 مليون دولار خلال ما بين 12 إلى 15 شهراً. ورغم التوقف، لا تزال المحكمة تصدر أوامر كل ثلاثة أشهر للحفاظ على عقود العمال، في انتظار تسوية الملف.
وتأسست “سامير” عام 1959 عبر شراكة بين الحكومة المغربية وشركة ENI الإيطالية، قبل أن تنتقل ملكيتها تدريجياً إلى مجموعة “كورال” السويدية التي يملكها العمودي، في إطار برنامج الخصخصة أواخر التسعينيات.
ويطالب بعض الفاعلين داخل الشركة بتأميم المصفاة أو إطلاق اكتتاب وطني لتوفير التمويل، في وقت لم تعلن الحكومة عن تفاصيل مشروع إعادة تشغيل قيد الدراسة.
وفي عام 2014، سجلت “سامير” خسائر ناهزت 250 مليون دولار، بينما بلغت إيراداتها 4.4 مليارات دولار. ومنذ ذلك الحين، انهار سعر سهم الشركة وتوقف التداول عليه، بينما لا يزال المساهمون الصغار يجهلون مصير استثماراتهم.
وبينما يواصل المغرب تطوير مشاريع في الطاقات المتجددة، يبقى ملف “سامير” عنواناً بارزاً لتعقيدات الاستثمار الصناعي في المملكة، وسط تساؤلات عن مدى قدرة الحكومة على اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل التكرير في البلاد.