وطن 24
فيما يتسارع العد التنازلي لإنهاء خمسين عاما من التدويل المرحلي لقضية الصحراء داخل منظومة الأمم المتحدة، تسود في أوساط الشعب المغربي حالة ترقب مشدودة لمخرجات جلسة مجلس الأمن المقررة مساء الجمعة.
ويعيش الرأي العام الوطني في كافة ربوع المملكة حالة ترقب غير مسبوقة، على اعتبار أن اللحظة المنتظرة تتجاوز ما اعتاد عليه المغاربة من دورات تقنية لتجديد ولاية بعثة المينورسو، وتطرح سؤالا مباشرا حول طبيعة القرار الأممي هذه السنة.
وتُتابَع تفاصيل الجلسة عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، حيث لا تخفي فئات واسعة من المواطنين انتظاراتها من الصيغة التي سيعتمدها المجلس، وسط صمت رسمي اختار الترقب دون تعليقات استباقية.
وتحضر القضية في النقاشات اليومية كرهان سيادي لا يقل أهمية عن باقي الأولويات الوطنية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية وتموقع عدد من القوى الدولية إزاء الملف خلال السنوات الأخيرة.
ويعلق كثيرون آمالهم على أن يُترجم مسار الاعتراف المتنامي بمبادرة الحكم الذاتي المغربية إلى صيغة واضحة تُعتمد هذه المرة دون ازدواج لغوي.
وقال الباحث المتخصص في القانون العام، الدكتور البشير الحداد الكبير، إن “المغاربة ينتظرون قرار مجلس الأمن بفارغ الصبر، بالنظر إلى ما يمثله من محطة حاسمة في مسار قضية تتصدر أولويات الرأي العام الوطني منذ عقود”.
وأضاف أن الملف شهد “تحولا نوعيا في العهد الجديد من خلال تغيير أسلوب تدبيره”، كما أكد عليه الملك محمد السادس في خطاب افتتاح البرلمان السنة الماضية، حيث تم الانتقال إلى دبلوماسية واقعية تعتمد الحزم، وبدأ المغرب يجني نتائج هذا التحول من خلال تزايد الاعترافات الدولية بسيادته على الصحراء.
وأشار إلى أن فتح القنصليات العامة في العيون والداخلة، وتوالي الاعترافات بمبادرة الحكم الذاتي، ساهما في تعزيز الثقة الشعبية، مؤكدا أن الرأي العام الوطني بات يرى في كل تحرك أممي امتدادا لتراكم دبلوماسي تقوده المؤسسة الملكية.
وبحسب الدكتور الحداد، فإن الدبلوماسية المغربية استطاعت أن تكسب “مواقف داعمة من القوى الكبرى في مجلس الأمن، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين”، وهو ما يعكس “ذكاء القيادة السياسية وقدرتها على حشد الإجماع داخل المنظومة الدولية”.
وشدد على أن هذا الزخم لم يقتصر على مجلس الأمن، بل شمل الاتحاد الإفريقي أيضا، حيث بدأ تراجع ملموس في الاعتراف بالكيان الانفصالي، وظهرت مبادرات مؤسساتية واضحة، أبرزها نداء طنجة والكتاب الأبيض بمراكش الداعيان لطرد هذا الكيان من المنظمة القارية.
وأوضح أن المغاربة لا يتابعون القرار باعتباره مجرد وثيقة أممية، بل باعتباره “انتصارا سياسيا للموقف المغربي، وانعكاسا مباشرا للدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية” منذ إطلاق النموذج التنموي في 2015 و2016، وما رافقه من أوراش اقتصادية جعلت من الصحراء المغربية “منطقة منافسة لكبريات مدن العالم مثل بيكين ونيويورك ولندن”.
واعتبر أن التقدم الميداني الذي حققته الدولة، إلى جانب تماسك الجبهة الداخلية، يجعل من تفعيل الحكم الذاتي “أمرا واقعا أكثر منه مشروعا تفاوضيا”، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي الأخير شدد على تعزيز التكامل بين الدبلوماسية الرسمية والموازية في الدفاع عن القضايا الوطنية.
وخلص إلى أن قرار مجلس الأمن، كيفما جاءت صيغته، سيُقرأ داخل المغرب كإقرار دولي واقعي بخيار الحكم الذاتي، و”انتصار للعالم الحقيقي الذي يتحرك فيه المغرب، في مواجهة عالم آخر لا يزال يراهن على كيانات وهمية انتهت وظيفتها التاريخية”.

