“المغرب ليس مجرد شريك في تنظيم كأس العالم 2030، بل فاعل رئيسي يفرض حضوره بثقة ورؤية استراتيجية متماسكة.” هذه هي الصورة التي كرّستها قمة “وورلد فوتبول ساميت” التي انعقدت بحرم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بسلا يومي 9 و10 أبريل، وجمعت أكثر من ألف مشارك من 47 دولة، من بينهم فاعلون من الفيفا، الكاف، أندية أوروبية وإفريقية، ومؤسسات استثمارية دولية.
وفي تقرير نشرته صحيفة “إل كونفيدينسيال” الإسبانية، فقد شكلت القمة بمثابة “استعراض قوة ناعم”، يعكس ما وصفته الصحيفة بـ”الهدوء المنظم” الذي يميز المقاربة المغربية داخل تحالف 2030، ويمنح المملكة موقعا مركزيا في تصور التنظيم المشترك للبطولة، إلى جانب إسبانيا والبرتغال.
وقدّمت الصحيفة تحليلا تفصيليا لما سمّته بـ”المنهج المغربي”، القائم على وضوح الخطاب، وحدة الصف، وجاهزية البنية التنظيمية.
فوزي لقجع ظهر خلال القمة بـ”ثقة رجل الملف”، حيث قاد النقاشات المرتبطة بالبنيات التحتية والخطة اللوجستيكية، متسلحا بعضويته داخل مجلس الفيفا وخبرته في تنزيل المشاريع الكروية الكبرى
واستأثر مشروع ملعب “الملك الحسن الثاني” المرتقب في مدينة الدار البيضاء باهتمام واسع خلال القمة، بعدما قدّمه فوزي لقجع باعتباره أحد أركان الملف المغربي، مؤكدا أن المملكة تهيئ لاحتضان نهائي المونديال فوق أرضها.
ويُرتقب أن يصبح هذا الملعب الأكبر عالميا من حيث الطاقة الاستيعابية، بـ115 ألف متفرج، متجاوزا بذلك منشآت كروية تاريخية في كوريا الشمالية والبرازيل.
ووصفت الصحيفة الإسبانية هذا المشروع بـ”الرمزي والوظيفي في آن”، معتبرة أن تصميمه لا يقتصر على البعد الهندسي، بل ينهل من عناصر الهوية المغربية العميقة، مثل الخيام التقليدية، والمواسم الاحتفالية، والواحات، ما يمنحه بُعدا حضاريا يُرسّخ فكرة أن المغرب لا يقدّم ملعبا فقط، بل تصوّرا ثقافيا متكاملا. مؤكدة أن المشروع لم يُصمَّم فقط لاستضافة مباريات، بل تم تصوره كأيقونة معمارية مرشحة لتكون رمزا لنهائي غير مسبوق في القارة الإفريقية.
ولم تقتصر رسائل المغرب على الشكل المعماري أو التصريحات، بل تجسدت، وفق التقرير، في “تماسك مؤسساتي نادر”، تمثل في تناغم الوفد المغربي المشارك، والذي ضم مسؤولين من الجامعة، وممثلين عن الحكومة، ومهندسين، ومستثمرين، مما أظهر انسجاما في الرؤية وتنظيما محكما في العرض والترويج.
وأضافت الصحيفة أن المغرب قدّم نفسه في القمة كـ”دولة بكامل مؤسساتها”، حاضرة ومنسجمة، تُخاطب المجتمع الدولي بنفس لغتها، وتتقن أبجديات الترويج للفرص والاستحقاقات الكبرى.
وأشارت “إل كونفيدينسيال”، إلى أن فوزي لقجع ظهر خلال القمة بـ”ثقة رجل الملف”، حيث قاد النقاشات المرتبطة بالبنيات التحتية والخطة اللوجستيكية، متسلحا بعضويته داخل مجلس الفيفا وخبرته في تنزيل المشاريع الكروية الكبرى على المستوى القاري، وعلى رأسها كأس إفريقيا 2025.
ولفتت إلى أن تدبيره لمداخلات الوفد المغربي، وتفاعله مع المؤسسات الحاضرة، قد عكس دينامية استثنائية، لا تنفصل عن الحضور المتزايد للمغرب في دوائر القرار الكروي الدولي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الحضور المغربي “لم يكن مجرد مشاركة شكلية”، بل إعلان ضمني عن انتقال المملكة من موقع التبعية إلى موقع القيادة داخل التحالف الثلاثي.
وأضافت أن القمة شكلت لحظة فارقة في تثبيت موازين جديدة، تُعيد رسم ملامح تنظيم كأس العالم، وتمنح المغرب حق المطالبة، لا فقط بالاستضافة، بل أيضاً بالتميز.
كما توقفت عند البعد الدبلوماسي للحظة المغربية في سلا، معتبرة أن القمة لم تكن فقط منصة رياضية، بل واجهة حضارية استعرضت من خلالها المملكة استعداداتها اللوجستيكية، وقدرتها على إدارة الزمن الدولي بثقة هادئة.
المغرب، (..)، “لم يطلب الاعتراف، بل فرضه عبر الجاهزية، والوضوح، والحضور الذكي”
ووصفت التفاعل المغربي مع الضيوف بـ”المدروس والدقيق”، خالٍ من الارتجال، ومشحون بالثقة، ومرتكز على سردية ترتبط بالتحول البنيوي الذي يشهده المغرب في أكثر من قطاع.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن المغرب، كما ظهر في قمة الرباط، “لم يطلب الاعتراف، بل فرضه عبر الجاهزية، والوضوح، والحضور الذكي”، في إشارة إلى أن الطريق نحو النهائي يمرّ من ملعب يحمل اسماً ملكياً، وتصميماً متجذراً في الذاكرة، وإرادة سياسية لا تتردد.