تحول استراتيجي لدعم الصناعة المغربية
في يومنا هذا، يأخذ مفهوم “صنع في المغرب” بعدًا جديدًا، لترسيخ مكانته كأحد أعمدة النمو الاقتصادي. بعد أن كان محصورًا في الزراعة والحرف اليدوية، يعيد “صنع في المغرب” اختراع نفسه ليصبح محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية. وقد تم إطلاق مجموعة من الآليات لدعم الاستثمار ومواكبته تحت إشراف الحكومة المغربية.
تاريخ الصناعة المغربية وتطورها
لم تكن مسيرة التصنيع في المغرب وليدة اليوم. فقد شهدت البلاد فترات ذهبية للتصنيع، حيث تطورت السياسات الصناعية خلال العقود الأخيرة عبر استراتيجيات مثل خطة “إقلاع” وخطة “التسريع الصناعي” وسياسة “إحلال الواردات”. وقد ازدادت الحاجة إلى التصنيع بعد جائحة كوفيد-19، التي أظهرت هشاشة سلاسل التوريد العالمية وأعادت إلى الواجهة مفهوم الحماية الاقتصادية.
الإنتاج المحلي: ضرورة استراتيجية
في هذا السياق، يسعى المغرب إلى تعزيز قطاعه الصناعي ليكون أكثر مرونة وقادرًا على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، مما يسهم في خلق فرص عمل وثروة جديدة. وتظهر أهمية السيادة الاقتصادية من خلال دعم وتعزيز “صنع في المغرب” محليًا ودوليًا، حيث تم تنفيذ إجراءات لدعم الشركات والعلامات التجارية المغربية لتحسين تنافسية المنتجات المحلية.
الأداء الصناعي المتميز
أظهرت الشركات المغربية مرونة وقدرة على التكيف، مما رفع مستوى التنافسية للعلامات التجارية المغربية. وقد أثبتت نتائج آخر مسح أجرته وزارة التجارة والصناعة لعامي 2021 و2022 هذا الأداء المتميز، حيث بلغ رقم المعاملات لعام 2022 حوالي 801.5 مليار درهم، متجاوزًا مستويات ما قبل الجائحة. وجاءت هذه النتائج بفضل خمسة قطاعات رئيسية: الصناعات الغذائية، والصناعات الكيميائية، وصناعة السيارات، والصناعات الميكانيكية والمعدنية، وصناعة النسيج والملابس. وساهمت مختلف مناطق المملكة في هذه النتائج الإيجابية، بينما بلغت الاستثمارات في القطاع حوالي 33.9 مليار درهم.
التطلعات المستقبلية والاستدامة
يشير المشهد العام إلى آفاق واعدة، حيث يتوقع المندوبية السامية للتخطيط نموًا في الصادرات المغربية بنسبة 7.6% في عام 2024، مدفوعة بالأداء المستمر للصادرات في الصناعات العالمية والنسيج والفسفاط ومنتجاته المشتقة. كما تلعب استراتيجية خفض الكربون دورًا حيويًا في تعزيز “صنع في المغرب”، حيث تتماشى مع المعايير الدولية وتضع المغرب على المسار الصحيح.
الالتزام بالمعايير الدولية
يعد الامتثال للمعايير الدولية شرطًا أساسيًا للتنافس على الساحة العالمية، وقد تم وضع آليات لدعم الصناعيين في هذا الاتجاه. وتركز الجهود أيضًا على تحسين التنافسية والعرض القابل للتصدير من خلال تبني ثقافة التفاوض التي تتيح للمغرب الوصول إلى فرص نمو في الأسواق العالمية. ويظل شعار “صنع في المغرب” رمزًا للجودة والأصالة، ما يعزز مكانة المغرب كوجهة صناعية رائدة.