تتبوأ مدينة طنجة مكانة مميزة في الحفاظ على الأمن الروحي للمغاربة، بفضل تاريخها العريق والمعالم الروحية التي تميزها. تُعرف طنجة بلقب “عروس الشمال” ليس فقط كأحد المراكز الاقتصادية والجغرافية الهامة، بل أيضًا كمركز روحي يجذب الباحثين عن الطمأنينة والسلام الداخلي.
لطالما كانت طنجة مركزًا لحضارات متعددة، مما أضفى عليها تنوعًا ثقافيًا وروحيًا فريدًا. تنتشر في أزقتها القديمة وشوارعها المتعرجة الزوايا والأضرحة التي تعكس تراثًا صوفيًا عريقًا، مما يوفر للزوار ملاذًا روحانيًا يعزز ارتباطهم بالإرث الصوفي والممارسات الدينية التقليدية.
الزوايا في طنجة، مثل الزاوية الكتانية والزاوية الحراقية والزاوية الصديقية، ليست مجرد مساجد صغيرة بل هي مؤسسات اجتماعية وروحية أسسها صوفيون بارزون لعبوا دورًا محوريًا في نشر التصوف وتعزيز القيم الروحية. كانت هذه الزوايا ملاذًا للمريدين والمتصوفين، حيث توفر بيئة للتأمل والذكر وتدعيم القيم الأخلاقية والروحانية، بالإضافة إلى تقديم الدعم الاجتماعي للمحتاجين والفقراء.
أما الأضرحة في طنجة، مثل ضريح الولي بوعراقية وضريح سيدي بريسول، فهي رموز بارزة للتصوف الشعبي، يقصدها الناس للتبرك والدعاء. يُعتقد أن الأولياء المدفونين في هذه الأضرحة يمتلكون قدرات خاصة على الشفاء وتحقيق الأمنيات، مما يجعل طقوس التبرك جزءًا من الإيمان الشعبي العميق بالقدرات الروحية.
تُعد الأضرحة والزوايا جزءًا من الهوية الروحية للمدينة، وتساهم في تعزيز الأمن الروحي لسكانها. هذه المعالم لا تزال تحتفظ بأهميتها رغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، حيث يلجأ إليها الناس، خاصة الأجيال الأكبر سنًا، للحفاظ على ارتباطهم بالماضي واستمداد الطمأنينة.
كما أن الأضرحة تمتد إلى أحياء وضواحي طنجة، مثل حي سيدي إدريس وحي السواني، وتوجد أيضًا في القرى المجاورة كضريح سيدي قاسم بن إدريس وضريح سيدي قنقوش. تحتفظ هذه الأضرحة بقيمتها الروحية بين سكان تلك المناطق، حيث يُعتبر الأولياء المدفونين فيها رموزًا للورع والزهد.
بفضل زواياها وأضرحتها، تبرز طنجة كمدينة تحمل إرثًا روحيًا غنيًا يسهم في تعزيز الأمن الروحي للمغاربة. إنها نموذج رائع للتعايش الروحي والتعدد الثقافي، مما يجعلها منارة للأمان الروحي والقيم الثقافية العميقة في المملكة المغربية.