أمضت عشرات العائلات المصحوبة بأطفال صغار ليلتها الماضية في العراء أمام ساحة بلدية باريس في تحرك مدعوم من الجمعيات المحلية التي نددت بعدم توفير الدولة حلول إسكان للمهاجرين المنهكين، حسب قولها
.في قلب العاصمة باريس، كان على 150 شخصا إمضاء ليلة الإثنين-الثلاثاء أمام ساحة البلدية في الدائرة الرابعة من عاصمة الأنوار، دون خيم أو وقاية من الجو الممطر، فقط بعض القطع القماشية المشمعة لتحميهم من الأرض المبللة.
« لم تعد هذه العائلات ترغب في الاختباء، فهي منهكة. والدولة من جانبها تلتزم الصمت »، حسبما تقول جمعية « يوتوبيا 56 » التي تقدم الدعم للمهاجرين في فرنسا، مشيرة إلى أنه من بين تلك العائلات، يوجد حوالي 20 قاصرا غير مصحوب بذويه، وأطفالا أصغرهم رضيعا يبلغ من العمر ثلاثة أشهر، وبينهم سبعة آخرين لم يتموا عامهم الأول، إضافة إلى 16 طفلا عمرهم أقل من ثلاث سنوات.
أمضى ناشطون من جمعية « يوتوبيا 56″ الليلة مع العائلات ونشروا تغريدات مرفقة بصور تظهر فيها العائلات المستلقية على الأرض، وأرفقوها بتعليق » إنها تمطر، وأكثر من 50 طفلا متواجدين هنا وبينهم من سيذهب إلى المدرسة غدا ».
مسؤول التواصل في الجمعية نيكولاي بونير، أكد لمهاجرنيوز أن الشرطة لن تتدخل وتُخلي المهاجرين طالما لن تُنصب الخيام. ويتحدر المهاجرون من جنسيات متعددة وبشكل رئيسي من المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء.
وقالت الطفلة فاطمة إنها لم تتمكن من الذهاب إلى مدرستها واضطرت إلى التغيب لمدة يومين، فيما أمضت أختها الرضيعة ليلتها و »هي تبكي بشكل متواصل »، حسبما أوضحت والدة الطفلتين لمهاجرنيوز.
حلول مؤقتة
هذه العائلات لم تتمكن من الحصول على سكن، وبينهم وافدين جدد ولاجئين وأشخاص دون أوراق إقامة و طالبي لجوء لديهم بصمات مسجلة في دول أوروبية أخرى.
تشير الجمعية إلى أن هذه العائلات كانت تقيم في مركز يدعى « lieux unique » في الدائرة 20، وهو عبارة عن مكان تمكنت الجمعية من الحصول عليه لمدة ثلاثة أشهر عبر شركة عقارات، إلى أن اضطرت إلى إغلاقه صباح أمس الإثنين.
وكانت الجمعية اعتبرت ذلك المكان المؤقت « استجابة عملية ومدنية للعنف في الشوارع. فهو يتيح لمئات من النساء والرجال والأطفال أن يكونوا أقل خوفا وأقل برودة وأن يشعروا بالوحدة بشكل أقل ». لكن بعد إغلاقه لم تتمكن من تأمين حلول لهذه العائلات، إذ عادة توزع الجمعيات العائلات ضمن مبادرة « السكن التضامني » والتي يستقبل ضمنها مواطنون العائلات المحتاجة لسد النقص.
« إقصاء اجتماعي » مع اقتراب الألعاب الأولمبية
خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فككت الشرطة الفرنسية أربعة مخيمات في المنطقة الباريسية، وكان آخرها في 20 مارس الماضي، واستهدفت مخيما يؤوي حوالي 150 مهاجرا قاصرا غير مصحوب بذويه، دون تقديم حلولا لهم، بحسب الجمعيات، إلا أن السلطات بررت ذلك قائلة إنها تهدف من ذلك الحفاظ على الأمن.
ومع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية في شهر تموز/يوليو القادم، ينبه ناشطون في تجمع « Revers de la médaille » من تأثير استضافة الحدث الرياضي على العاصمة، ويتحدثون عن السياسة التي تنتهجها السلطات الفرنسية وتحمل معها « الإقصاء الاجتماعي وسياسات سوء المعاملة تجاه الناس في الشارع ».
والأسبوع الماضي التقط مهاجرون مقاطعا مصورة توثق تدخل الشرطة العنيف في مخيم للمهاجرين شمال باريس، حين أيقظهم ضباط الشرطة بمصابيح يدوية حوالي الساعة الثالثة صباحا. وعندما احتج الشباب وطرحوا الأسئلة، استُخدم ضدهم الغاز المسيل للدموع.
وكان كشف تقرير نشرته عدة جمعيات في نوفمبر 2023، تكرار العنف اللفظي والجسدي الذي يتعرض له المهاجرون أثناء إخلاءهم من مخيماتهم. ومنذ عام 2015، سجلت الجمعيات 448 شهادة حول عنف الشرطة، 88% منها ناتجة عن « حالات الإخلاء وتشتيت المهاجرين في الأماكن العامة ».