حصل الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو على جائزة الفرانكفونية الكبرى من الأكاديمية الفرنسية لهذا العام. لم يكن هذا التكريم مفاجئًا في الأوساط الأدبية والأكاديمية، سواء في الغرب أو الشرق، نظرًا لما قدمه كيليطو من إسهامات بارزة في تواصل اللغات، بعيدًا عن الأضواء، كواحد من أكثر الكتاب والمفكرين تأثيرًا في عصره.
عبد الفتاح كيليطو، الذي وُلد في تطوان عام 1945، يجد نفسه الآن في دائرة الضوء، على الرغم من ميوله للعزلة. هذا الرجل الذي يُعرف بوجوده البسيط في المناسبات الاجتماعية في فرنسا والمغرب، يُثير الفضول حول شخصيته الفريدة، خاصة بعد أن بدأ وجهه الجذاب يظهر في الصحافة الدولية. يُعرف كيليطو بابتعاده عن الإعلام والاعترافات الرسمية منذ أربعة عقود، ويعيش حياة أشبه بحياة الناسك في الرباط بين الكتب.
من المدهش أن يكون قد حصل على جائزة الأكاديمية الفرنسية مرتين، في عامي 1996 و2024، وأنه حصل على العديد من التكريمات في أوروبا والولايات المتحدة والعالم العربي، كما درس في جامعات برنستون وهارفارد. ومع ذلك، يعتبر أبرز إنجازاته دعوته للتدريس في كلية فرنسا في التسعينيات، مما جعله أول مثقف مغربي يُدعى لهذا المعهد المرموق.
كيليطو: عبقرية العيش بين لغتين
في الثمانينيات، وصل كيليطو الشاب إلى جامعة الرباط لتدريس الأدب الفرنسي، في وقت كانت فيه الثقافة المغربية تشهد انتعاشًا بفضل كتاب مثل الطاهر بن جلون وعبد الكبير الخطيبي. انخرط كيليطو لفترة في حركة الأدب الفرانكفوني، لكنه سرعان ما انحاز للأدب العربي الكلاسيكي.
بإتقان اللغتين العربية والفرنسية، كان كيليطو يقضي نهاره في تدريس أعمال الأدباء الفرنسيين ويقضي ليله في كتابة بحوث في السيميولوجيا عن الأدب العربي الكلاسيكي، متحاورًا مع أعلام مثل الحماسي والحريري وأبو العلاء المعري والجاحظ. رفض الانصياع للموجة التي تهتم فقط بالأدب الفرانكفوني وقرر السير على خطى خاصة به، مجسدًا التعايش بين لغتين في حياته وعمله.
تواصل الثقافات والتفرد الفكري
قدرة كيليطو على الجمع بين الأدبين العربي والفرنسي لاقت إعجاب كبار النقاد والمفكرين، مثل أندريه ميكيل وروجر ألين وجاك دريدا. بكتبه الـ21 النظرية وثمانية الروايات والمجموعات القصصية، قدم كيليطو رؤية مبتكرة تربط بين الحضارات.
كتب كيليطو في “لن تتكلم لغتي”: “أكتب بالضرورة باتجاه الشرق عندما أكتب بالعربية، وباتجاه الغرب، الشمال، عندما أكتب بالفرنسية”. هذا الانفصال والتوازن بين اللغتين جعله شخصية فريدة في الأدب العالمي. ومع ذلك، لم يتوقف عن البحث عن الكتاب الذي يمكن أن يغير حياته مجددًا.
حصل كيليطو أيضًا على جائزة الملك فيصل للغة والأدب العربي في عام 2023، تكريمًا لأعماله بالعربية. هذا التكريم يعزز مكانته كأحد أبرز الكتاب والمفكرين في العصر الحديث. يجب أن تدرج وزارة التعليم كتاباته في مناهج المدارس لتطوير الذكاء والنقد لدى الشباب. فرغم تجنبه للمصطلحات المعقدة، فإن كيليطو يعبر بأعلى درجات الوضوح والبساطة.