تضطر “سعاد المصلوحي” إلى إلغاء مقامها المبرمج في مدينة مرتيل، في إطار عطلتها الصيفية التي كانت تعتزم قضاء أيام منها بهذه المدينة رفقة أبنائها. هذه الموظفة الأربعينية القادمة من مدينة خنيفرة، تبرر قرارها هذا بأن “الأسعار المعروضة تجاوزت حدود المعقول”.
يشكل الغلاء الفاحش في أسعار الخدمات السياحية بالمدن الساحلية شمال المملكة، هاجسا سنويا يواجه السياح والمصطافين الذين يقصدون المنطقة لقضاء عطلتهم الصيفية، إذ تصل أسعار خدمات الإيواء والمطاعم إلى مستويات “جنونية” رغم ضعف الجودة.
تقول “سعاد”، إن ” سعر ليلة واحدة بمنزل متواضع جدا من حيث الجودة لا يقل عن 1000 درهم”، وتصف هذا الأمر بأنه “منكر لا يمكن القبول به”.
تركب هذه السائحة سيارتها رفقة أبنائها الثلاثة، استعدادا لمغادرة المدينة صوب وجهة أخرى لعلها تجد عروضا في أسعار معقولة، كما تقول.
خلال سنوات ماضية، أعلنت مجالس جماعية بعمالة المضيق الفنيدق، عن اتخاذ إجراءات لإضفاء طابع تنظيمي على قطاع الكراء السياحي، بهدف الرفع من جودة هذا القطاع وتوفير حماية قانونية للمالكين.
بحسب أحد القرارات التي أصدرتها جماعة مرتيل، فإن الهدف من الإجراء المعلن عنه هو “تثمين الخدمات المقدمة لفائدة الزوار والرفع من قيمتها في الوقت عينه، والمساهمة في التنمية المحلية سياحيا”.
لكن شكاوى السياح والمصطافين الوافدين على المدينة والمنطقة، تشير إلى أن القرار الجماعي ظل مجرد “حبر على ورق” بالنظر لغياب أي أثر فعلي له على أرض الواقع.
عند مدخل عدد من المدن شمال المغرب، مثل المضيق وأصيلة والحسيمة، كما في مختلف شوارعها وأحيائها، فتيةٌ وشباب يشهرُون المفاتِيح في أوجه زوار، إخطارًا بأنَّ شققًا ومنازل متاحةً للإيجار، إذ يقوم هؤلاء الشبان بدور الوساطة بين السياح الباحثين عن خدمات إيواء وبين أصحاب محلات سكنية، تتحول خلال الموسم السياحي، إلى إقامات وفنادق مصغرة ذات طاقة استيعابية متفاوتة كل واحدة حسب مساحتها.
تتراوح أثمنة خدمات الإيواء، ما بين 500 درهم و 1000 درهم، وكثيرا ما تتجاوز الأسعار السقف المذكور، مقابل مستوى جودة في الحضيض.
ورغم أن “القانون يتيح (..) إمكانية المراقبة والضبط أمام السلطات العمومية المختصة، حتى تظل الأسعار في حدود التلاؤم مع مستوى وجودة الخدمات من جهة، ومع المستوى المعيشي للأسر المغربية من جهة ثانية”، بحسب النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رشيد حموني، إلا أن هناك “زيادات صاروخية، وغير معقولة وغير منطقية، أحيانا، في خدمات السياحة الداخلية”، وفق ذات البرلماني المذكور.
ويرفض حموني، ضمن مداخلة كتابية موجهة لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، “التحجج الدائم بمبدأ حرية الأسعار” من أجل تبرير هذا الوضع.
وفي نظر هذا النائب البرلماني، فإن الوزارة الوصية مطالبة باتخاذ إجراءات لتقديم عروض السياحة الداخلية للأسر المغربية، ومن أجل تمكين المغاربة، بمن فيهم مغاربة العالم، من خدمات سياحية تكون في مستوى انتظاراهم وتطلعاتهم، من حيث الجودة والأسعار والطاقة الاستيعابية.