بينما تسعى مدينة طنجة إلى تعزيز مكانتها كإحدى الوجهات السياحية الرئيسية في المغرب، تواجه أزمة متصاعدة في قطاع النظافة، تكشف عن إخفاقات واضحة في التدبير والتنسيق بين الأطراف المعنية.
وبات انتشار أكوام القمامة على الأرصفة وفي الأحياء الحيوية مشهدًا مألوفًا، مما يثير استياء السكان والزوار على حد سواء.
وتستهلك خدمات النظافة في طنجة ميزانية تصل إلى 30 مليار سنتيم سنويًا، تتوزع بين شركتين مفوضتين، هما “أرما” المسؤولة عن مقاطعتي بني مكادة ومغوغة، و”ميكومار” التي تغطي مقاطعتي السواني وطنجة المدينة.
ورغم هذه الأرقام الكبيرة، يعاني المواطنون من تأخر في جمع النفايات، خاصة في المناطق الشعبية مثل بني مكادة ومغوغة، والتي تسجل أكبر عدد من النقاط السوداء.
ويصف السكان الوضع بأنه “غير مقبول”، مع تراكم القمامة لأيام أحيانًا، وغياب الصيانة الدورية للحاويات التي أصبحت تعاني من التلف أو التكدس.
ولا يقتصر هذا التدهور على الأحياء الشعبية، بل يمتد إلى شوارع مركزية مثل شارع موسى بن نصير، الذي يُعد من أبرز شرايين المدينة.
ويشير المارة إلى أن هذا الشارع، الذي يفترض أن يكون واجهة حضرية وسياحية، يغرق في القمامة بشكل متكرر.
ويثير هذا التناقض تساؤلات حول مدى التزام الشركات المفوضة بمعايير النظافة في المناطق الحيوية والسياحية.
يُجمع متابعون محليون على أن أحد أسباب الأزمة يعود إلى غياب رقابة فعالة من قبل السلطات المفوضة، ممثلة في المجلس الجماعي، التي يفترض أن تراقب تنفيذ العقود الموقعة مع الشركات المفوضة.
ويضيف أحد المهتمين بالشأن المحلي: “هناك ضعف واضح في التنسيق بين الجماعة والشركات، مما يفتح الباب أمام تجاوزات وأداء ضعيف رغم الإمكانيات المتاحة”.
في المقابل، تُرجع الشركات بعض المشكلات إلى السلوكيات اليومية للمواطنين، مثل إلقاء القمامة في غير أماكنها أو رمي النفايات الكبيرة بجانب الحاويات.
ويعتبى الحديث عن تحسين قطاع النظافة في طنجة ليس جديدًا، إذ تعهدت الجهات المسؤولة أكثر من مرة بوضع خطط إصلاحية تشمل تعزيز الرقابة، وتوسيع أسطول الشاحنات، وتحسين توزيع الحاويات. لكن على أرض الواقع، لم يلمس المواطنون أي تغيير يُذكر.
وفي ظل هذه الأزمة، طالب العديد من المراقبين بتغيير جذري في أسلوب تدبير القطاع، بما يشمل مراجعة العقود مع الشركات، وربط المخصصات المالية بجودة الخدمات المقدمة.
ومع استمرار التدهور في مستوى الخدمات، يبقى السؤال: هل ستتمكن طنجة من تجاوز هذه الأزمة البيئية التي تُلقي بظلالها على حياة سكانها وسمعتها السياحية؟ أم أن غياب الرقابة والتنفيذ سيجعل الوضع يتفاقم أكثر؟