اعتادت الأسر في بداية كل سنة دراسية جديدة تسجيل أبنائها بمدارس من اختيارهم سواء تعلق الأمر بمؤسسات تعليمية خصوصية أو عمومية، وذلك حسب رغبة الأبوين والمستوى المعيشي لكل أسرة على حدة.
لكن الوضع يختلف لدى أسر أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تجد نفسها أمام عائق قبول بعض المؤسسات احتضان هاته الفئة لممارسة حق طبيعي على غرار أترابهم في سن التمدرس.
“ماجدولين” طفلة من هاته الفئة، تبلغ من العمر إحدى عشرة سنة، تدرس بالمستوى الرابع ابتدائي. لم تمنعها حالتها الصحية من ولوج حجرات الدراسة وارتقاء المراتب الأولى منذ أن وطأت عجلات كرسيها المتحرك ساحة مدرسة “الفقيه محمد الغازي الابتدائية” بمدينة الرباط.
شاء القدر لصاحبة الابتسامة العريضة أن تولد بمرض جلدي جيني أثر على عظام قدميها ويديها كان من نتائجه ضمور أصابعها، وهي تحاول جاهدة الكتابة بالأصبع المتبقي.
حالتها الصحية لم تحل دون مواكبة الحصص اليومية رفقة باقي زملائها، التي تشيد بحسن الصداقة التي تجمعهم بها، وبالمساعدة اليومية التي تتلقاها من باقي صديقاتها. وتقول بصوت خافت وواثق، :”أنا سعيدة بانضمامي لهذه المؤسسة، وبتعامل أساتذتي وباقي التلاميذ داخل المؤسسة معي، دون أن تخفي طموحها العريض في أن تصبح طبيبة أسنان”.
عقبات أمام الأم…
في نهاية مرحلة التعليم الأولي، وجدت أم ماجدلين نفسها أمام أول صعوبة على مستوى مسار ابنتها الدراسي بعد رفض أكثر من مؤسسة احتضانها. تقول إنه “منذ سن الثلاث سنوات التحقت ابنتي بالأقسام الدراسية، حيث تلقت تعليمها الأولي رفقة مجموعة من الأطفال في سنها، إلا أن أول صعوبة واجهتها ارتبطت بولوجها المدرسة الابتدائية، بعد رفض مجموعة من المؤسسات التعليمية، عمومية وخاصة، دمجها رفقة باقي الأطفال.
لكن مؤسسة الفقيه الغازي، تضيف أم ماجدولين، رحبت بولوج ابنتها لمتابعة مسارها التعليمي، خاصة وأنها جد منسجمة ومندمجة مع باقي التلاميذ، حسب شهادة أساتذتها، الذين لم يجدوا أي صعوبة في التعامل مع حالتها.
ليست ماجدولين الحالة الوحيدة داخل أسوار هذه المؤسسة الابتدائية. “رانية” طفلة مصابة بالتوحد تتابع دراستها بالمستوى السادس الابتدائي، بمصاحبة مرافقتها الخاصة، التي تكلفها عائلة الطفلة من أجل تقديم جميع أنواع المساعدة التي تحتاجها طفلتهم داخل وخارج الأقسام الدراسية، سواء تعلق الأمر بتسهيل القراءة أو محاولة دمجها بطريقة سلسة مع باقي الأطفال.
تكوينات خاصة تتلقاها المرافقات قبل تولي المهام المسندة لهم حول كيفية التعامل مع الطفل التوحدي، الذي لا يمكنه الولوج للحجرات الدراسية دون مساعدة.
مراقبة خاصة
تحظى هذه الفئة من التلاميذ في وضعية إعاقة بنوع من الرعاية الدراسية الخاصة قبل دمجها مع باقي التلاميذ. وتوجد داخل نفس المؤسسة أقسام للموارد تم إحداثها منذ سنة 2000، بحيث يتم تسجيل الأطفال بشكل عادي قبل انطلاق الدراسة داخل هذه الأقسام. وفي نهاية كل سنة دراسية تكلف لجنة خاصة مكونة من طبيب تابع للأكاديمية ومفتش تعليم من أجل تأهيلهم للأقسام العادية.
في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يوضح رئيس مصلحة التربية الدامجة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط سلا القنيطرة، محمد سامي، أن المؤسسة الدامجة هي مؤسسة في إطار المشروع الدامج الذي يستقبل جميع الأطفال، بمن فيهم الأطفال في وضعية إعاقة ووضعيات خاصة يستفيد فيها الأطفال من جميع أنشطة الحياة المدرسية الموجهة لكافة التلاميذ، بما فيها الأنشطة الرياضية.
وشدد السيد سامي على أن المؤسسة الدامجة هي مؤسسة الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص وتعليم ذي جودة، خاصة وأن جميع الأساتذة مكونون في مجال التربية الدامجة، إضافة إلى الأطر الإدارية والتربوية.
ويبلغ عدد التلاميذ في وضعية إعاقة، الذين يتابعون دراستهم بالمدارس الدامجة 5070 تلميذا. ويقدر عدد المؤسسات التعليمية الدامجة بجهة الرباط سلا القنيطرة 1136، وفقا لمعطيات وإحصائيات الدخول المدرسي 2022-2023.
أما عدد التلاميذ في وضعية إعاقة الذين يتابعون دراستهم بأقسام الإدماج المدرسي فيبلغ 1396، فيما يصل عدد أقسام الإدماج المدرسي (في أفق تحويلها إلى قاعات موارد للتأهيل والدعم) إلى 128 قسما.