بعد صدور قرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء الاتفاقيات التجارية المتعلقة بالزراعة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، يواجه الجانبان فجوة تجارية كبيرة يسعيان إلى سدها بطرق متعددة. ويأتي هذا القرار في ظل التزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بقرارات المحكمة الأوروبية والقوانين المنظمة، مما يمنع إبرام أي اتفاقيات مع المغرب تخالف هذا الإطار القانوني.
أمام هذا الوضع، يبدو أن المغرب يقف أمام خيارين: إما الامتثال لقرار المحكمة وتصنيف منتجاته من المناطق الجنوبية كـ”الصحراء الغربية”، أو البحث عن شركاء تجاريين جدد لتعويض الخسائر المحتملة من وقف الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، اعتبر كمال صبري، رئيس غرفة الصيد البحري، أن تصنيف المنتجات الزراعية والبحرية من الصحراء “غير مقبول”، مشدداً على أن هذا التصنيف يمس بسيادة المغرب. وقال: “لن نساوم على سيادتنا الوطنية من أجل مكاسب اقتصادية. يجب أن تعترف أي اتفاقية بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية”.
ويرى محللون أن إلغاء الاتفاقيات قد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية واقتصادية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث يُستبعد أن يقبل المغرب باتفاقيات تستثني الصحراء من مجمل ترابه الوطني. وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاقتصادي محمد الجدي إلى أن اتفاقية الصيد البحري، التي توفر للمغرب مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي تصل إلى 208 مليون يورو على مدى أربع سنوات، تستغل موارد المغرب الطبيعية بشكل غير عادل، وتُستخدم كوسيلة للضغط على الرباط.
وأوضح الجدي أن المغرب بإمكانه بسهولة إيجاد أسواق بديلة لمنتجاته الزراعية والبحرية، سواء داخلياً أو دولياً. وأضاف: “علينا تنويع شركائنا التجاريين، فالاتفاقيات الزراعية أكثر تعقيداً من اتفاقيات الصيد البحري، التي تدور حول حق الصيد وليس حول العلاقات التجارية المعقدة”.
يمتلك المغرب بالفعل اتفاقيات صيد مع دول مثل روسيا واليابان، إضافة إلى اتفاقيات تجارة حرة مع كل من مصر، الأردن، تونس، تركيا، والولايات المتحدة. كما أن بريطانيا، أمريكا الشمالية، الصين، والهند قد تكون أسواقاً محتملة لمنتجاته البحرية والزراعية.
ومع ذلك، يُتوقع أن تكون إسبانيا من أكثر الدول الأوروبية تضرراً من إلغاء الاتفاقية، حيث تعتمد بشدة على تراخيص الصيد في المياه المغربية، مما يهدد بفقدان ملايين اليوروهات شهرياً وتهديد استقرار آلاف العائلات التي تعتمد على هذا القطاع.