كثّفت السلطات الأمنية في المغرب عملياتها لمكافحة الأنشطة غير القانونية داخل بعض مراكز التدليك، حيث شهدت مدن عدة، أبرزها مراكش وأكادير وفاس، مداهمات استهدفت منشآت يُشتبه في استغلالها كواجهات لممارسة الدعارة تحت غطاء التدليك والاسترخاء.
وفي أحدث عملية في هذا السياق، نفذت الشرطة في مراكش عملية مداهمة أسفرت عن توقيف ستة أشخاص، بينهم مواطن أجنبي وخمس سيدات، كانوا داخل مركز تدليك يُشتبه في استغلاله لأغراض الدعارة.
وأسفرت العملية عن ضبط مبالغ مالية وعوازل طبية، إلى جانب أجهزة إلكترونية يعتقد أنها تحتوي على تسجيلات متعلقة بالأنشطة التي تجرى داخل المركز، فيما أظهرت التحقيقات أن أحد الموقوفين مطلوب على المستوى الوطني لتورطه في جرائم مالية واقتصادية.
وهذه العملية ليست الأولى من نوعها، إذ شهدت مدن أخرى مثل أكادير وفاس وورزازات تدخّلات مماثلة أسفرت عن توقيف عشرات الأشخاص، بينهم مسيّرو مراكز وعاملات، مع حجز معدات وأموال يُشتبه في ارتباطها بهذه الأنشطة.
ويرى متابعون أن هذه الحملات الأمنية تندرج ضمن استراتيجية أوسع تستهدف مكافحة الجريمة المنظمة، غير أن استمرار هذه الممارسات رغم المداهمات المتكررة يطرح تساؤلات حول قدرة القوانين الحالية على الحد من هذه الظاهرة.
فبينما تنظم الأنظمة القانونية عمل مراكز التدليك، يبقى تطبيقها محل إشكال، خاصة أن بعض المراكز تواصل العمل بعد تغيير أسمائها أو تعديل سجلاتها التجارية لتجنب الإغلاق الدائم.
كما أن بعض هذه المؤسسات تعمل ضمن شبكات مترابطة يصعب تفكيكها بالكامل، ما يعقّد جهود الأجهزة الأمنية التي غالبًا ما تعتمد على معلومات استخباراتية أو شكاوى محلية للتحرك.
ويرى حقوقيون أن هذه الظاهرة تعكس وجود فراغ قانوني ينبغي معالجته، حيث لا تزال القوانين المنظمة لهذه الأنشطة غير كافية لضمان عدم استغلالها في ممارسات غير مشروعة.
وفي هذا الإطار، تتعالى الأصوات المطالبة بتشديد العقوبات على المتورطين، سواء كانوا مسيّرين لهذه المراكز أو زبائن مستفيدين من خدمات غير قانونية، إلى جانب فرض رقابة صارمة على منح التراخيص والتأكد من احترام المعايير المهنية لهذه الأنشطة.
وتبقى هذه القضية مثار جدل في الأوساط المغربية، بين من يرى أن التدخل الأمني هو الحل الأمثل لمحاربة هذه الظاهرة، ومن يعتقد أن المعالجة يجب أن تكون أكثر شمولية، تأخذ بعين الاعتبار العوامل القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تغذي استمرار هذه الأنشطة، في ظل واقع معقد يجعل من القضاء عليها تحديًا يتجاوز الإجراءات الأمنية التقليدية.