يخلد المغرب اليوم الخميس الذكرى 444 لمعركة واد المخازن، وهي لحظة ذات أبعاد ودلالات تاريخية وسياسية رمزية تجسد صور الصمود والشجاعة في الدفاع عن حوزة الوطني والمقدسات الدينية والوطنية.
وأفادت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن الاحتفاء بهذه الذكرى الخالدة، التي تؤرخ لانتصار الشعب المغربي البطولي على المتربصين بأراضي المملكة، هو استحضار لملحمة بطولية تؤكد عزة نفس المغاربة قاطبة واستعدادهم الدائم للدفاع عن حوزة الوطن وإعلاء راية الإسلام، مبرزة أنها تنعقد في ظرفية دقيقة بسبب اندلاع حرائق غابوية شهدها شمال المغرب، الشيء الذي منع إقامة هذه الذكرى على مألوف العادة وفي نفس مكان الاحتفاء.
في هذا السياق، أعربت المندوبية عن تضامنها وتعاطفها مع العائلات المتضررة، مثمنة التدابير الاستعجالية التي اتخذتها الحكومة، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للحد من تأثير الحرائق بتخصيص غلاف مالي إجمالي يبلغ 290 مليون درهم، كما أشادت بالجهود الجبارة المبذولة لإخماد هذه الحرائق.
وما يعطي القيمة الدلالية الكبرى لمعركة واد المخازن هو أنها وقعت في ظروف إقليمية ودولية معقدة ودقيقة تميزت بسلسلة من المواجهات العسكرية مع القوى الاستعمارية الأوروبية ودخول العثمانيين، وبتنامي الأطماع الأجنبية والرغبة في التحكم في أوضاع الشمال الإفريقي وخاصة في الدولة المغربية، بهدف استغلال الموانئ المغربية الأطلسية الاستراتيجية، ولاسيما مرسى العرائش، الذي اتخذه البرتغاليون ذريعة لتبرير حملتهم العسكرية، بدعوى أن الأتراك كانوا عازمين على احتلالها مهما كان الثمن.
وأضاف المصدر نفسه أن السلطان عبد المالك السعدي استعان في الإعداد للمعركة بإدراكه وبحسه السياسي، كما فطن لأهمية الزمن بالنسبة للمغاربة، حيث عرض على الملك البرتغالي دون سيباستيان السلام والتفاوض لربح الوقت والاستعداد للمواجهة المحتملة، ثم استدرج الجيش البرتغالي إلى سهل وادي المخازن الذي اختاره كمعترك، مما كان له الفضل في تحديد مصير المعركة قبل أن تقع.
للإشارة فإن القوات البرتغالية التي عبرت إلى المغرب كانت تضم أسطولا يفوق عدد وحداته 500 قطعة بحرية على متنها جيش نظامي وكثير من المرتزقة والحشود الحليفة الداعمة، فضلا عن وضع الملك الاسباني رهن إشارة الملك البرتغالي وحدات بحرية أخرى انضمت إلي الجيش البرتغالي لتعزيز صفوفه.
وفي يوم الاثنين 4 غشت من سنة 1578 ،دارت معركة حامية الوطيس بوادي المخازن في منطقة السواكن بعد أن حطم المغاربة جسر النهر للحيلولة دون تراجع القوات الغازية نحو ميناء العرائش ، وم ني البرتغاليون بخسارة جسيمة حيث قتل ملكهم ،والملك المخلوع محمد المتوكل ،كما توفي السلطان عبد المالك السعدي إبان المعركة بسبب تسمم تعرض له من الأعداء.
وقد أخفى خلفه السلطان احمد المنصور الذهبي نبأ وفاته ليواصل تدبير وقيادة المعركة التي اصطلح تسميتها بمعركة الملوك الثلاثة، والتي أكسبت المغرب مجدا تليدا زاد من هيبة المغرب ومكانته في إفريقيا والبحر المتوسط.
ولهذه الأسباب، شكلت معركة وادي المخازن مبعث اعتزاز وفخر كبير للمغرب كبلد تواق الى السلم والأمن والاستقرار، وقوي وباسل في الدفاع عن كرامته وسيادته ووحدته الترابية.